تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٣٧٠
والمعنى انما جعل يوم السبت أو قطع العمل للعبادة يوما في كل أسبوع تشديدا وابتلاء وفتنة وكلفة على اليهود الذين اختلفوا فيه بعد تشريعه بين من قبله ومن رده ومن احتال فيه للعمل مع التظاهر بقبوله وان ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون.
وبالبناء على هذا يكون وزان الآية وزان قوله السابق وعلى الذين هادوا حرمنا الخ في أنها في معنى الجواب عن سؤال مقدر عطفا على ما مر من حديث النسخ والتقدير واما جعل السبت لليهود فإنما جعل لا لهم بل عليهم ليبتليهم الله ويفتنهم به ويشدد عليهم كما قد تكرر نظائره فيهم لكونهم عاتين معتدين مستكبرين وبالجملة الآية ناظرة إلى الاعتراض بتشريع بعض الأحكام غير الفطرية على اليهود ونسخه في هذه الشريعة.
وانما لم يضم إلى قوله سابقا وعلى الذين هادوا حرمنا الخ لكون مسألة السبت مغايرة لسنخ مسألة تحليل الطيبات واستثناء محرمات الاكل وقد عرفت ان الكلام على اتصاله من قوله وعلى الذين هادوا إلى قوله وما كان من المشركين سبع آيات تامة ثم اتصلت بها هذه الآية وهي ثامنتها الملحقة بها.
ومن هنا يظهر الجواب عما اعترض به ان توسيط جعل السبت بين حكاية أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم باتباع ملة إبراهيم عليه السلام وبين امره صلى الله عليه وآله وسلم بالدعوة إليها وبعبارة أخرى وقوع قوله انما جعل السبت الخ بين قوله ثم أوحينا إليك الخ وقوله ادع إلى سبيل ربك الخ كالفصل بين الشجر ولحائه.
ومحصل الجواب ان قوله ثم أوحينا إليك ان اتبع ملة إبراهيم الآية من تمام السياق السابق وقوله انما جعل السبت الآية متصل بما تقدمه كما عرفت واما قوله ادع إلى سبيل ربك الآية فهو استئناف وامر بالدعوة إلى سبيل الله بفنون الخطاب لا إلى ملة إبراهيم حتى يتصل بالآية السابقة نوع اتصال وان كان سبيل الله هو ملة إبراهيم بعينها لكن للفظ حكم وللمعنى بحسب المآل حكم آخر فافهم.
وللقوم في تفسير الاختلاف اختلاف عميق فمنهم من قال إن المراد انما جعل السبت على الذين اختلفوا على نبيهم فيه حيث أمرهم بتعظيم الجمعة فعدلوا عنه واخذوا
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»
الفهرست