تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٣٦٦
أهل لغير الله به أو يحرمونه كالبحيرة والسائبة وغيرهما والسياق كما مر لا يؤيده.
ثم قال سبحانه في مقام تعليل النهى ان الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ثم بين حرمانهم من الفلاح بقوله متاع قليل ولهم عذاب اليم.
قوله تعالى: " وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل " الخ المراد بقوله ما قصصنا عليك من قبل كما قيل ما قصه تعالى على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في سورة الأنعام وقد نزلت قبل سورة النحل بلا اشكال بقوله: " وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر " إلى آخر الآية الانعام: 146.
والآية في مقام دفع الدخل وفيها عطف على مسألة النسخ المذكورة سابقا كأن قائلا يقول فإذا كانت محرمات الاكل منحصرة في الأربع المذكورة الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به وكان ما وراءها حلالا فما هذه الأشياء المحرمة على بني إسرائيل من قبل؟ هل هذا إلا ظلم بهم؟
فأجاب عنه بأنا حرمنا عليهم ذلك وما ظلمناهم في تحريمه ولكنهم كانوا يظلمون أنفسهم فنحرم عليهم بعض الأشياء أي انه كان محللا لهم مأذونا فيه لكنهم ظلموا أنفسهم وعصوا ربهم فجزيناهم بتحريمه عقوبة كما قال سبحانه في موضع آخر فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم الآية ولو أنهم بعد ذلك كله رجعوا إلى ربهم وتابوا عن معاصيهم تاب الله عليهم ورفع الحظر عنهم وأذن لهم فيما منعهم عنه انه لغفور رحيم.
فقد ظهر إن الآية متصلة بما قبلها من حديث التحليل والتحريم وانها كالجواب عن سؤال مقدر وان ما بعدها من قوله ثم إن ربك للذين عملوا السوء الآية متصل بها متمم لمضمونها.
قوله تعالى: " ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك واصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم الجهالة والجهل واحد وهو في الأصل ما يقابل العلم لكن الجهالة كثيرا ما تستعمل بمعنى عدم الانكشاف التام للواقع وان لم يخل المحل عن علم ما مصحح للتكليف كحال من يقترف المحرمات وهو يعلم بحرمتها لكن الأهواء النفسانية تغلبه وتحمله على المعصية ولا تدعه يتفكر في حقيقة هذه المخالفة
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»
الفهرست