تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٣٦٩
الاحد فخلقها في ستة أيام كما ذكره فقطع عمله يوم السبت فسمى بذلك.
وسبت فلان صار في السبت وقوله يوم سبتهم شرعا قيل يوم قطعهم للعمل ويوم لا يسبتون قيل معناه لا يقطعون العمل وقيل يوم لا يكونون في السبت وكلاهما إشارة إلى حالة واحدة وقوله انما جعل السبت أي ترك العمل فيه وجعلنا نومكم سباتا أي قطعا للعمل وذلك إشارة إلى ما قال في صفة الليل لتسكنوا فيه انتهى.
فالمراد بالسبت على ما ذكره نفس اليوم لكن معنى جعله جعل ترك العمل فيه وتشريعه ويمكن ان يكون المراد به المعنى المصدري دون اليوم المجعول فيه ذلك كما هو ظاهر قوله: " تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم " الأعراف: 163.
وكيف كان فقد كان من طبع الكلام ان يقال انما جعل السبت للذين حتى يفيد نوعا من الاختصاص والملك وان الله شرع لهم في كل أسبوع ان يقطعوا العمل يوما يفرغون فيه لعبادة ربهم وهو يوم السبت كما جعل للمسلمين في كل أسبوع يوما يجتمعون فيه للعبادة والصلاة وهو يوم الجمعة.
فقوله انما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه بتعدية جعل بعلى دون اللام من قبيل قولهم لي عليك دين وهذا عليك لا لك فتفيد معنى التكليف والتشديد والابتلاء أي انما جعل للتشديد عليهم وابتلائهم وامتحانهم فقد كان هذا الجعل عليهم لا لهم كما انجر أمرهم فيه إلى لعن طائفة منهم ومسخ آخرين وقد أشير إلى ذلك في سورة البقرة الآية 65 وسورة النساء الآية 47.
والأنسب على هذا ان يكون المراد بقوله اختلفوا فيه أي في السبت اختلافهم فيه بعد التشريع فإنهم تفرقوا فيه فرقا ممن قبله وممن رده وممن احتال للعمل فيه على ما أشير إلى قصصهم في سور البقرة والنساء والأعراف لا اختلافهم فيه قبل التشريع بأن يعرض عليهم أن يسبتوا في كل أسبوع يوما للعبادة ثم يجعل ذلك اليوم هو الجمعة فيختلفوا فيه فيجعل عليهم يوم السبت كما وقع في بعض الروايات.
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»
الفهرست