قوله تعالى: " انما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فان الله غفور رحيم " تقدم الكلام في معنى الآية في تفسير سورة البقرة الآية 173 وسورة المائدة الآية 3 وسورة الانعام الآية 145.
والآية بمعناها على اختلاف ما في لفظها واقعة في أربعة مواضع من القرآن في سورتي الانعام والنحل وهما مكيتان من أوائل ما نزلت بمكة وأواخرها وفي سورتي البقرة والمائدة وهما من أوائل ما نزلت بالمدينة وأواخرها وهى تدل على حصر محرمات الاكل في الأربع المذكورة الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به كما نبه عليه بعضهم.
لكن بالرجوع إلى السنة يظهر ان هذه هي المحرمات الأصلية التي عنى بها في الكتاب وما سوى هذه الأربع من المحرمات مما حرمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأمر من ربه وقد قال تعالى: " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " الحشر: 7 وقد تقدم بعض الروايات الدالة على هذا المعنى.
قوله تعالى ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب الخ ما في قوله لما تصف مصدرية والكذب مفعول تصف أي لا تقولوا هذا حلال وهذا حرام بسبب وصف ألسنتكم لغاية افتراء الكذب على الله.
وكون الخطاب في الآيات للمؤمنين على ما يؤيده سياقها كما مر أو لعامة الناس يؤيد ان يكون المراد بقوله ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام النهى عن الابتداع بادخال حلال أو حرام في الاحكام الجارية في المجتمع المعمولة بينهم من دون ان ينزل به الوحي فان ذلك من ادخال ما ليس من الدين في الدين وافتراء على الله وان لم ينسبه واضعه إليه تعالى وذلك أن الدين في عرف القرآن هو سنة الحياة وقد تكرر منه سبحانه قوله يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أو ما يقرب منه فالدين لله ومن زاد فيه شيئا فقد نسبه إليه تعالى افتراء عليه وان سكت عن الاسناد أو نفي ذلك بلسانه.
وذكر الجمهور ان المراد بالآية النهى عما كان المشركون يحلونه كالميتة والدم وما