تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٣٦٨
وتحرم الخبائث يجلب العمل بها من الخير ما جلبه لإبراهيم عليه السلام منه.
فقوله إن إبراهيم كان أمة قال في المفردات وقوله ان إبراهيم كان أمة قانتا لله أي قائما مقام جماعة في عبادة الله نحو قولهم فلان في نفسه قبيلة انتهى وهو قريب مما نقل عن ابن عباس وقيل معناه الامام المقتدى به وقيل إنه كان أمة منحصرة في واحد مدة من الزمان لم يكن على الأرض موحد يوحد الله غيره.
وقوله قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين القنوت الإطاعة والعبادة أو دوامها والحنف الميل من الطرفين إلى حاق الوسط وهو الاعتدال.
قوله تعالى: " شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم " الاجتباء من الجباية وهو الجمع واجتباء الله الانسان هو اخلاصه لنفسه وجمعه من التفرق في المذاهب المختلفة وفي تعقيب قوله شاكرا لأنعمه بقوله اجتباه الخ مفصولا اشعار بالعلية وذلك يؤيد ما تقدم في سورة الأعراف في تفسير قوله: " ولا تجد أكثرهم شاكرين " الأعراف: 17 إن حقيقة الشكر هو الاخلاص في العبودية.
قوله تعالى: " وآتيناه في الدنيا حسنة وانه في الآخرة لمن الصالحين " الحسنة هي المعيشة الحسنة فقد كان عليه السلام ذا مال كثير ومروة عظيمة.
وقد بسطنا الكلام في معنى الاجتباء في تفسير سورة يوسف عند الآية 6 وفي معنى الهداية والصراط المستقيم في تفسير الفاتحة عند قوله " اهدنا الصراط المستقيم " الآية: 6 وفي معنى قوله: " وانه في الآخرة لمن الصالحين " البقرة: 130 فراجع.
وفي توصيفه تعالى إبراهيم عليه السلام بما وصفه من الصفات إشارة إلى انها من مواهب هذا الدين الحنيف فان انتحل به الانسان ساقه إلى ما ساق إليه إبراهيم عليه السلام.
قوله تعالى: " ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين " تكرار اتصافه بالحنف ونفي الشرك لمزيد العناية به.
قوله تعالى: " انما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه " إلى آخر الآية قال في المفردات أصل السبت القطع ومنه سبت السير قطعه وسبت شعره حلقه وأنفه اصطلمه وقيل سمى يوم السبت لان الله تعالى ابتدأ بخلق السماوات والأرض يوم
(٣٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 ... » »»
الفهرست