نزلت بعد وقعة بدر والمثل السابق مثل مضروب لأهل مكة والمراد بالرسول الذي كذبوه هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبالعذاب الذي اخذهم هو القتل الذريع لصناديدهم يوم بدر.
وهذا كله مما لا دليل عليه من طريق لفظ الآيات على أنه قد تأيد سابقا انها مكية.
وثانيا ان المراد بالحل والطيب كون الرزق بحيث لم يحرم منه الانسان طبعا وطبعه يستطيبه أي الحل والطيب بحسب الطبع وذلك ملاك الحلية الشرعية التي تتبع الحلية بحسب الفطرة فان الدين فطرى لان الله سبحانه فطر الانسان مجهزا بجهاز التغذية وجعل أشياء ارضية من الحيوان والنبات ملائمة لقوامه يميل إليها طبعه من غير نفرة فله ان يأكل منها وهو الحل.
وثالثا ان قوله فكلوا أمر مقدمي بالنسبة إلى قوله واشكروا نعمة الله وذكر النعمة تلويح إلى سبب الحكم فان كون الشئ نعمة هو السبب في وجوب الشكر عليه.
ورابعا ان قوله ان كنتم إياه تعبدون خطاب للمؤمنين فإنهم هم الذين يعبدون الله ولا يعبدون غيره والقصر في الجملة الذي يدل عليه تقديم المفعول على الفعل قصر القلب وغيرهم وهم المشركون انما يعبدون الأصنام والالهة من دون الله.
وجعل الخطاب للمشركين ودعوى ان المراد بالعبادة في قوله ان كنتم إياه تعبدون الإطاعة أو ان المعنى ان صح زعمكم انكم تقصدون بعبادتكم لآلهتكم عبادته تعالى لا يرجع إلى طائل فان جعل العبادة بمعنى الإطاعة يحتاج إلى قرينة ولا قرينة والمشركون لا يعبدون الله سبحانه ولو باشراكه في العبادة ولا يقصدون بعبادة آلهتهم عبادته تعالى بل ينزهونه تعالى عن عبادتهم لكونه اجل من أن يناله ادراك أو ينتهى إليه توجه.
وكون الخطاب في الآية للمؤمنين يوجب كون المثل مضروبا لاجلهم ورجوع سائر الخطابات التشريعية فيما قبل الآية وما بعدها متوجهة إليهم وربما قيل إن الخطاب لعامة الناس أعم من المؤمن والكافر وتطبيقه على الآيات لا يخلو من تكلف وان كان دون تخصيص الخطاب بالمشركين اشكالا.