تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٣٥٨
أقول والجارية المذكورة في الرواية هي سمية أم عمار وكان معهم ياسر أبو عمار وقيل وكان أبو عمار أول شهيدين في الاسلام وقد استفاضت الروايات على قتلهما بالفتنة واظهار عمار الكفر تقية ونزول الآية فيه.
وفيه اخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل من طريق أبى عبيدة بن محمد بن عمار عن أبيه قال ": اخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وذكر آلهتهم بخير ثم تركوه.
فلما اتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ما وراءك شئ؟ قال شر ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير - قال كيف تجد قلبك؟ قال مطمئن بالايمان قال إن عادوا فعد فنزلت الا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان وفي المجمع عن ابن عباس وقتاده ": ان الآية نزلت في جماعة اكرهوا - وهم عمار وياسر أبوه وامه سمية وصهيب وبلال وخباب عذبوا وقتل أبو عمار وامه وأعطاهم عمار بلسانه - ما أرادوا منه ثم أخبر سبحانه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال قوم كفر عمار فقال صلى الله عليه وآله وسلم كلا ان عمارا ملئ ايمانا من قرنه إلى قدمه - واختلط الايمان بلحمه ودمه.
وجاء عمار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يبكى - فقال صلى الله عليه وآله وسلم ما وراءك؟ فقال شر يا رسول الله - ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح عينيه ويقول إن عادوا لك فعد لهم بما قلت فنزلت الآية وفي الدر المنثور اخرج ابن سعد عن عمر بن الحكم قال كان عمار بن ياسر يعذب حتى لا يدرى ما يقول - وكان صهيب يعذب حتى لا يدرى ما يقول - وكان أبو فكيهة يعذب حتى لا يدرى ما يقول - وبلال وعامر وابن فهيرة وقوم من المسلمين - وفيهم نزلت هذه الآية " ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ".
أقول وسمى منهم في بعض الروايات عباس بن أبي ربيعة وفي بعضها الاخر هو والوليد بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد بن المغيرة وأبو جندل بن سهيل بن عمرو واجمع رواية في ذلك ما عن ابن عباس ان هذه الآية نزلت فيمن كان يفتن من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم - ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»
الفهرست