مغفرة ما قبل الايمان من الذنوب واما ما بعد ذلك فمسكوت عنه ومن ذلك أن المراد مغفرة الكبائر وهى بعض الذنوب إلى غير ذلك وهذه وجوه ضعيفة لا يعبؤ بها.
وقال الزمخشري في الكشاف فان قلت ما معنى التبعيض في قوله: " من ذنوبكم؟ قلت ما علمته جاء هكذا الا في خطاب الكافرين بقوله واتقوه واطيعون يغفر لكم من ذنوبكم يا قومنا أجيبوا داعى الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم وقال في خطاب المؤمنين هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم إلى أن قال يغفر لكم ذنوبكم وغير ذلك مما يقفك عليه الاستقراء وكأن ذلك للتفرقة بين الخطابين ولئلا يسوى بين الفريقين في الميعاد انتهى.
وكأن مراده ان المغفور من الذنوب في الفريقين واحد وهو جميع الذنوب الا ان تشريف مقام الايمان أوجب ان يصرح في المؤمنين بمغفرة الجميع ويقتصر في وعد الكفار على مغفرة البعض والسكوت عن الباقي ومغفرة بعضها لا تنافى مغفرة البعض الآخر فليكن هذا مراده والا فمجرد التفرقة بين الخطابين لا ينتج ارتكاب مخالفة الواقع بتاتا.
وقوله ويؤخركم إلى اجل مسمى أي لا يعاجلكم بالعقوبة والهلاك ويؤخركم إلى الاجل الذي لا يؤخر وقد سماه لكم ولا يبدل القول لديه وقد تقدم في تفسير أول سورة الأنعام ان الاجل اجلان اجل موقوف معلق وأجل مسمى لا يؤخر.
ومن الدليل على هذا الذي ذكرناه قول نوح لقومه في هذا المقام على ما حكاه الله سبحانه " ويؤخركم إلى اجل مسمى ان اجل الله إذا جاء لا يؤخر " نوح: 4 قوله تعالى: " قالوا ان أنتم الا بشر مثلنا تريدون ان تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين " قد تقدم في مباحث النبوة في الجزء الثاني من الكتاب ان الآية المعجزة حجة عامة على نبوة النبي لا حجة عامية وخاصة الوحي والنبوة التي هي نوع اتصال بالغيب أمر خارق للعادة الجارية بين افراد الانسان لا يجدونها من أنفسهم فعلى من يدعيها الاثبات ولا طريق إلى اثباتها الا بالاتيان بخارق عادة آخر