تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٧
فهو تعالى الذي يوجد العالم وكل جزء من اجزائه ويحده ويميزه من غيره فهو في نفسه موجود غير محدود والا لاحتاج إلى آخر يحدده فهو تعالى واحد لا يقبل الكثرة لان ما لا يحد بحد لا يقبل الكثرة.
وهو بوحدته يدبر كل أمر كما أنه يوجده لأنه هو المالك لوجودها والكل أمر يرجع إلى وجودها ولا يشاركه غيره في شئ لان شيئا من الموجودات غيره لا يملك لنفسه ولا لغيره فهو تعالى رب كل شئ لا رب غيره كما أنه موجد كل شئ لا موجد غيره.
وهذا برهان تام سهل التناول حتى للأفهام البسيطة يناله الانسان الذي يذعن بفطرته ان للعالم المشهود حقيقة وواقعية من غير أن يكون وهما مجردا كما يبديه السفسطة والشك ويثبت به توحد الألوهية والربوبية ولذلك تمسك به في هذا المقام الذي هو مقام خصام الوثنية.
ومن هنا يظهر فساد زعم من زعم أن قوله أفي الله شك فاطر السماوات والأرض حجة مسوقة لاثبات خالق للعالم وكذا قول من قال إنه دليل اتصال التدبير لتوحيد الربوبية بل هو برهان عليه تعالى من جهة قيام وجود كل شئ وآثار وجوده به من كل جهة فينتج توحده في الربوبية ويزول به ما أيدوه من الشك بقولهم وانا لفى شك مما تدعوننا إليه مريب (1).
ثم قولهم " يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى اجل مسمى " إشارة إلى برهان النبوة التي انكروها بقولهم انا كفرنا بما أرسلتم به يريدون به دين الرسل والشريعة السماوية بالوحي.
وبيانه ان من سنته تعالى الجارية هداية كل شئ إلى كماله وسعادته النوعية والانسان أحد هذه الأنواع المشمولة للهداية الإلهية فمن الواجب في العناية الإلهية

(1) فهو قريب من مضمون قوله تعالى: " قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا " الرعد: وقد تقدم.
(٢٧)
مفاتيح البحث: الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست