الدنيا فبالتخلص عن النكال والعقوبة القاضية عليهم واما في الآخرة فبالمغفرة الإلهية بمقدار ما تلبسوا به من الايمان والعمل الصالح.
إذا عرفت ما ذكرناه بان لك ان قوله تعالى حاكيا عن الرسل يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى اجل مسمى إشارة منهم عليهم السلام إلى حجة النبوة العامة وان قوله ليغفر لكم الخ إشارة إلى غاية الدعوة الأخروية وقوله ويؤخركم الخ إشارة إلى غايتها الدنيوية وقدم ما للآخرة على ما للدنيا لان الآخرة هي المقصودة بالذات وهى دار القرار.
وقد نسبوا الدعوة في كلامهم إلى الله سبحانه للتنبيه لما هو الحق تجاه قول الكفار تدعوننا إليه حيث نسبوها إلى الرسل وقوله من ذنوبكم ظاهر في التبعيض ولعله للدلالة على إن المغفرة على قدر الطاعة والمجتمع الانساني لا يخلو عن المعصية المستوجبة للمؤاخذة البتة فالمغفور على أي حال بعض ذنوب المجتمع لا جميعها فافهم ذلك.
وربما ذكر بعضهم ان المراد به انه يغفر حقوق الله لا حقوق الناس ورد بأنه صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان الاسلام يجب ما قبله.
وربما قيل إن من زائدة وأيد بقوله تعالى في موضع آخر يغفر لكم ذنوبكم بدون من وفيه ان من انما يزاد في النفي دون الاثبات كقولهم ما جاءني من رجل وتدخل على النكرة دون المعرفة كما قيل على أن مورد الآيتين مختلف فان قوله يغفر لكم ذنوبكم الظاهر في مغفرة الجميع انما هو في مورد الايمان والجهاد وهو قوله تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم إلى أن قال " يغفر لكم ذنوبكم " الصف - 12 والذي حكاه الله عن نوح عليه السلام في مثل المقام وهو أول هؤلاء الرسل المذكورين في الآية قوله: " ان اعبدوا الله واتقوه واطيعون يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى اجل مسمى " نوح: 4 وهو يوافق الآية التي نحن فيها فالتبعيض لا مفر منه ظاهرا.
ومما قيل في توجيه الآية ان المراد بالبعض الكل توسعا ومن ذلك أن المراد