تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٤
خبر هلاكهم وانقراضهم فان النبأ هو الخبر الذي يعتنى بأمره فلا ينافي ما يتعقبه من قوله لا يعلمهم الا الله.
وثانيا ان قوله قوم نوح وعاد وثمود من قبيل ذكر الأمثلة وان قوله لا يعلمهم الا الله بيان لقوله من قبلكم والمراد بعدم العلم بهم لغير الله الجهل بحقيقة حالهم وعدم الإحاطة بتفاصيل تاريخ حياتهم.
ومن الممكن ان يكون قوله لا يعلمهم الا الله اعتراضا وان كان ما ذكرناه انسب للسياق واما احتمال ان يكون خبرا لقوله والذين من بعدهم كما ذكره بعضهم فسخافته ظاهرة وأسخف منه تجويز بعضهم ان يكون حالا من ضمير من بعدهم وكون قوله جاءتهم رسلهم خبرا لقوله والذين من بعدهم.
وقوله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم الظاهر أن المراد به ان رسلهم جاؤوهم بحجج بينة تبين الحق وتجليه من غير أي ابهام وريب فمنعوهم ان يتفوهوا بالحق وسدوا عليهم طريق التكلم.
فالضميران في أيديهم وأفواههم للرسل ورد أيديهم في أفواههم كناية عن اجبارهم على أن يسكتوا ويكفوا عن التكلم بالحق كأنهم اخذوا بأيدي رسلهم وردوها في أفواههم ايذانا بأن من الواجب عليكم ان تكفوا عن الكلام ويؤيده قوله بعد وقالوا انا كفرنا بما أرسلتم به وانا لفى شك مما تدعوننا إليه مريب فان دعوى الشك والريب قبال الحجة البينة والحق الصريح الذي لا يبقى مجالا للشك لا تتحقق الا من جاحد مكابر متحكم مجازف لا يستطيع ان يسمع كلمة الحق فيجبر قائلها على السكوت والصمت.
وللقوم في معنى الآية أقوال أخر منها قول بعضهم المعنى ان الكفار ردوا أيديهم في أفواه الرسل تكذيبا لهم وردا لما جاؤوا به فالضمير الأول للكفار والثاني للرسل وفيه انه مستلزم لاختلاف مرجع الضميرين من غير قرينة ظاهرة
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست