تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٨
ولم يقيد قوله ان اخرج قومك الخ بالاذن كما قيد به قوله للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لتخرج الناس الخ لان قوله ههنا اخرج قومك أمر يتضمن معنى الاذن بخلاف قوله هناك لتخرج الناس.
وقوله: " وذكرهم بأيام الله " لا شك ان المراد بها أيام خاصة ونسبة أيام خاصة إلى الله سبحانه مع كون جميع الأيام وكل الأشياء له تعالى ليست الا لظهور امره تعالى فيها ظهورا لا يبقى معه لغيره ظهور فهى الأزمنة والظروف التي ظهرت أو سيظهر فيها امره تعالى وآيات وحدانيته وسلطنته كيوم الموت الذي يظهر فيه سلطان الآخرة وتسقط فيه الأسباب الدنيوية عن التأثير ويوم القيامة الذي لا يملك فيه نفس لنفس شيئا والامر يومئذ لله وكالايام التي أهلك الله فيها قوم نوح وعاد وثمود فان هذه وأمثالها أيام ظهر فيها الغلبة والقهر الالهيان وان العزة لله جميعا.
ويمكن ان يكون منها أيام ظهرت فيها النعم الإلهية ظهورا ليس فيه لغيره تعالى صنع كيوم خروج نوح عليه السلام وأصحابه من السفينة بسلام من الله وبركات ويوم انجاء إبراهيم من النار وغيرهما فإنها أيضا كسوابقها لا نسبة لها في الحقيقة إلى غيره تعالى فهى أيام الله منسوبة إليه كما ينسب الأيام إلى الأمم والأقوام ومنه أيام العرب كيوم ذي قار ويوم فجار ويوم بغاث وغير ذلك.
وتخصيص بعضهم الأيام بنعماء الله سبحانه بالنظر إلى ما سيأتي من ذكر نعمه تعالى كتخصيص آخرين لها بنقماته تعالى خال عن الوجه بعد ما كان الكلام جاريا في السورة على ما تقتضيه عزته تعالى ومن مقتضى صفة عزته الانعام على العباد والاخذ الشديد ان كفروا بنعمته.
ثم تمم الكلام بقوله: " ان في ذلك لآيات لكل صبار شكور " أي كثير الصبر عند الضراء وكثير الشكر على النعماء.
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست