تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٠٨
في متن الكلام فكل ذلك من الأبحاث الأدبية الفنية التي ليس لها كثير تأثير في الحصول على الحقائق.
وذكر بعضهم ان من امره بيان للروح ومن للتبيين والمراد بالروح الوحي كما تقدم.
وفيه انه مدفوع بقوله تعالى قل الروح من أمر ربى فان من الواضح ان الآيتين تسلكان مسلكا واحدا وظاهر آية الاسراء ان من فيها للابتداء أو للنشوء والمراد بيان ان الروح من سنخ الامر وشأن من شؤنه ويقرب منها قوله تعالى: " تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل أمر " القدر: 4.
وذكر بعضهم ان المراد بالروح هو جبريل وأيده بقوله: " نزل به الروح الأمين على قلبك " الشعراء: 194 فان من المسلم ان المراد به في الآية هو جبريل والباء للمصاحبة والمراد بالملائكة ملائكة الوحي وهم أعوان جبريل والمراد بالامر واحد الأوامر والمعنى ينزل تعالى ملائكة الوحي بمصاحبة جبريل بأمره وارادته.
وفيه ان هذه الآية نظيرة قوله تعالى: " يلقى الروح من امره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق " المؤمن: 15 وظاهره لا يلائم كون المراد بالروح هو جبريل.
وأردأ الوجوه ما ذكره بعضهم ان المراد بالروح أرواح الناس لا ينزل ملك الا ومعه واحد من الأرواح وهو منقول عن مجاهد وفساده ظاهر.
وقوله على من يشاء من عباده أي ان بعث الرسل وتنزيل الملائكة بالروح من امره عليهم متوقف على مجرد المشية الإلهية من غير أن يقهره تعالى في ذلك قاهر غيره فيجبره على الفعل أو يمنعه من الفعل كما في سائر أفعاله تعالى فإنه تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
فلا ينافي ذلك كون فعله ملازما لحكم ومصالح ومختلفا باختلاف الاستعدادات لا يقع الا عن استعداد في المحل وصلاحية للقبول فان استعداد المستعد ليس الا كسؤال السائل فكما ان سؤال السائل انما يقربه من جود المسؤول وعطائه من غير أن يجبره على الاعطاء ويقهره كذلك الاستعداد في تقريبه المستعد لإفاضته تعالى وحرمان غير المستعد من ذلك فهو تعالى يفعل ما يشاء من غير أن يوجبه عليه شئ أو يمنعه عنه شئ
(٢٠٨)
مفاتيح البحث: الأكل (1)، الجود (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست