لكم بلوغها الا بمشقة تتحملها أنفسكم فرفع عنكم المشاق بخلقها وتسخيرها لكم ان ربكم رؤوف رحيم.
قوله تعالى: " والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون " معطوف على الانعام فيما مر أي والخيل والبغال والحمير خلقها لكم لتركبوها وزينة أي ان في خلقها ارتباطا بمنافعكم وذلك انكم تركبونها وتتخذونها زينة وجمالا وقوله ويخلق ما لا تعلمون أي يخلق ما لا علم لكم به من الحيوان وغيره وسخرها لكم لتنتفعوا بها والدليل على ما قدرناه هو السياق.
قوله تعالى وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين القصد على ما ذكره الراغب وغيره استقامة الطريق وهو كونه قيما على سالكيه يوصلهم إلى الغاية والظاهر أن المصدر بمعنى الفاعل والإضافة من إضافة الصفة إلى موصوفها والمراد السبيل القاصد بدليل مقابلته بقوله ومنها جائر أي ومن السبيل ما هو جائر أي مائل عن الغاية يورد سالكيه غيرها ويضلهم عنها والمراد بكون قصد السبيل على الله وجوب جعل سبيل قاصد عليه تعالى يسلكه عباده فيوردهم مورد السعادة والفلاح وإذ لا حاكم غيره يحكم عليه فهو الذي أوجب على نفسه ان يجعل لهم طريقا هذا نعته ثم يهديهم إليه اما الجعل فهو ما جهز الله كل موجود ومنها الانسان من القوى والأدوات بما لو استعملها كما نظمت أدته إلى سعادته وكماله المطلوب قال تعالى: " الذي اعطى كل شئ خلقه ثم هدى " طه: 50 وقال في الانسان خاصة: " فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله " الروم: 30.
واما الهداية فهى التي فعلها من ناحية الفطرة وتناها بما من طريق بعث الرسل وانزال الكتب وتشريع الشرائع قال تعالى: " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها " الشمس: 8 وقال: " انا هديناه السبيل اما شاكرا واما كفورا " الدهر: 3.
وانما ادرج سبحانه هذه الآية بين هذه الآيات التي سياقها عد النعم العلوية والسفلية من السماء والأرض والانعام والخيل والبغال والحمير والماء النازل من السماء والزرع ونظائرها لما ان الكلام انجر في آيتي الانعام والخيل إلى معنى قطع الطرق