نزوله عليهم وفيه ابعاد للمشركين فقد كانوا يستعجلون النبي صلى الله عليه وآله وسلم استهزاء به لما كانوا يسمعون كلام الله سبحانه يذكر كثيرا نزول امره تعالى وينذرهم به وفيه مثل قوله للمؤمنين فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره وليس الا امره تعالى بظهور الحق على الباطل والتوحيد على الشرك والايمان على الكفر هذا ما يعطيه التدبر في صدر السورة.
واما ذيلها وهى ثمان وثمانون آية من قوله والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا إلى آخر السورة على ما بينها من الاتصال والارتباط فسياق الآيات فيه يشبه ان تكون مما نزلت في أوائل عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة بعيد الهجرة فصدر السورة وذيلها متقاربا النزول وذلك لما فيها من آيات لا تنطبق مضامينها الا على بعض الحوادث الواقعة بعيد الهجرة كقوله تعالى: " والذين هاجروا في الله " الآية وقوله ولقد نعلم أنهم يقولون انما يعلمه بشر الآية النازلة على قول في سلمان الفارسي وقد آمن بالمدينة وقوله من كفر بالله من بعد ايمانه الا من أكره الآية النازلة في عمار كما سيأتي وكذا الآيات النازلة في اليهود والآيات النازلة في الاحكام كل ذلك يفيد الظن بكون الآيات مدنية.
ومع ذلك فاختلاف النزول لائح من بعضها كقوله: " والذين هاجروا الخ " الآية: 41 وقوله: " وإذا بدلنا آية مكان آية " الآية 101 إلى تمام آيتين أو خمس آيات وقوله: " من كفر بالله من بعد ايمانه " الآية: 106 وعدة آيات تتلوها.
والانصاف بعد ذلك كله ان قوله تعالى: " والذين هاجروا " الآية: 41 إلى تمام آيتين وقوله: " من كفر بالله من بعد ايمانه " الآية: 106 وبضع آيات بعدها وقوله: " وان عاقبتم فعاقبوا " الآية: 126 وآيتان بعدها مدنية لشهادة سياقها بذلك والباقي أشبه بالمكية منها بالمدنية وهذا وان لم يوافق شيئا من المأثور لكن السياق يشهد به وهو أولى بالاتباع وقد مر في تفسير آية 118 من سورة الأنعام احتمال ان تكون نازلة بعد سورة النحل وهى مكية والغرض الذي هو كالجامع لايات ذيل السورة ان فيها أمرا بالصبر ووعدا حسنا على الصبر في ذات الله.
وغرض السورة الاخبار باشراف أمر الله وهو ظهور الدين الحق عليهم ويوضح