تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٧١
وما قيل إنه لا شبهة في أن السياق يدل على أن المتقين هم المخلصون السابق ذكرهم وان المطلق يحمل على الفرد الكامل.
فيه ان ذلك مبنى على كون المراد بالعباد في قوله ان عبادي ليس لك عليهم سلطان هم المخلصين حتى يختص السياق بالكلام فيهم وقد تقدم ان المراد بالعباد عامة افراد الانسان خرج منه الغاوون بالاستثناء وبقى الباقون وقد ذكر سبحانه قضاءه في الغاوين بالنار وهو ذا يذكر قضاءه في غيرهم ممن أوجب له الجنة والامر في المستضعفين مرجأ وفي العصاة من أهل الكبائر الذين يموتون بغير توبة منوط بالشفاعة فيبقى أهل التقوى من المؤمنين وهم أعم من المخلصين فقضى فيهم بالجنة.
واما حديث حمل المطلق على الفرد الكامل فهو خطأ وانما يحمل على الفرد المتعارف وتفصيل المسألة في فن الأصول.
وذكر الإمام الرازي في تفسيره ان المراد بالمتقين في الآية الذين اتقوا الشرك ونقله عن جمهور الصحابة والتابعين وأسنده إلى الخبر.
قال وهذا هو الحق الصحيح والذي يدل عليه ان المتقى هو الآتي بالتقوى مرة واحدة كما أن الضارب هو الآتي بالضرب مرة فليس من شرط صدق الوصف بكونه متقيا كونه آتيا بجميع أنواع التقوى والذي يقرر ذلك إن الآتي بفرد واحد من افراد التقوى يكون آتيا بالتقوى فان الفرد مشتمل على الماهية بالضرورة وكل آت بالتقوى يجب ان يكون متقيا فالآتي بفرد يجب كونه متقيا ولهذا قالوا ظاهر الامر لا يفيد التكرار فظاهر الآية يقتضى حصول الجنات والعيون لكل من اتقى عن ذنب واحد الا ان الأمة مجمعة على أن التقوى عن الكفر شرط في حصول هذا الحكم.
وأيضا هذه الآية وردت عقيب قول إبليس: " إلا عبادك منهم المخلصين " عقيب قوله تعالى: " ان عبادي ليس لك عليهم سلطان فلذا اعتبر الايمان في هذا الحكم فوجب ان لا يزاد فيه قيد آخر لان تخصيص العام لما كان خلاف الظاهر فكلما كان التخصيص أقل كان أوفق بمقتضى الأصل والظاهر.
فثبت ان الحكم المذكور يتناول جميع القائلين لا إله إلا الله محمد رسول الله ولو
(١٧١)
مفاتيح البحث: التصديق (1)، الضرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست