تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٨٢
الدخان والعثار ونحوهما من البقايا انتهى ولعله من هنا ما ربما يسمى الماضي والمستقبل معا غابرا اما الماضي فبعناية انه بقى فيما مضى ولم يتعد إلى الزمان الحاضر واما المستقبل فبعناية انه باق لم يفن بعد كالماضي.
والآيات جواب الملائكة لسؤال إبراهيم قالوا انا أرسلنا من عند الله سبحانه إلى قوم مجرمين نكروهم ولم يسموهم صونا للسان عن التصريح باسمهم تنفرا منه ومستقبل الكلام يعينهم ثم استثنوا وقالوا الا آل لوط وهم لوط وخاصته وظهر به ان القوم قومه انا لمنجوهم أي مخلصوهم من العذاب أجمعين وظاهر السياق كون الاستثناء منقطعا ثم استثنوا امرأة لوط من آله للدلالة على إن النجاة لا تشملها وإن العذاب سيأخذها ويهلكها فقالوا: " إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين " اي الباقين من القوم بعد خروج آل لوط من قريتهم وقد تقدم تفصيل القول في ضيف إبراهيم عليه السلام في سورة هود في الجزء العاشر من الكتاب وعقدنا هناك بحثا مستقلا فيه قوله تعالى: " فلما جاء آل لوط المرسلون قال إنكم قوم منكرون " إنما قال لهم لوط عليه السلام ذلك لكونهم ظاهرين بصور غلمان مرد حسان وكان يشقه ما يراه منهم وشأن قومه شأنهم من الفحشاء كما تقدم في سورة هود والمعنى ظاهر قوله تعالى: " قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون وأتيناك بالحق وإنا لصادقون " الامتراء من المرية وهو الشك والمراد بما كانوا فيه يمترون العذاب الذي كان ينذرهم به لوط وهو يشكون فيه والمراد باتيانهم بالحق اتيانهم بقضاء حق في أمر القوم لا معدل عنه كما وقع في موضع آخر من قولهم: " وانهم آتيهم عذاب غير مردود " هود: 76 وقيل: المراد وأتيناك بالعذاب الذي لا شك فيه وما ذكرناه هو الوجه وفى آيات القصة تقديم وتأخير لا بمعنى اختلال ترتيبها بحسب النزول عند التأليف بوضع ما هو مؤخر في موضع المقدم وبالعكس بل بمعنى ذكره تعالى بعض اجزاء القصة في غير محله الذي يقتضيه الترتيب الطبعي وتعينه له سنة الاقتصاص لنكتة توجب ذلك
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست