تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٤٥
لنزوله فالشئ وهو في هذه الخزائن غير مقدر بقدر ولا محدود بحد وهو مع ذلك هو وقد جمع في تعريف هذه الخزائن بين كونها فوق القدر الذي يلحق الشئ وبين كونها خزائن فوق الواحدة والاثنتين ومن المعلوم ان العدد لا يلحق الا الشئ المحدود وإن هذه الخزائن لو لم تكن محدودة متميزة بعضها من بعض كانت واحدة البتة.
ومن هنا يتبين ان هذه الخزائن بعضها فوق بعض وكل ما هو عال منها غير محدود بحد ما هو دان غير مقدر بقدره ومجموعها غير محدود بالحد الذي يلحق الشئ وهو في هذه النشأة ولا يبعد ان يكون التعبير بالتنزيل الدال على نوع من التدريج في قوله وما ننزله إشارة إلى كونه يطوى في نزوله مرحلة بعد مرحلة وكلما ورد مرحلة طرأه من القدر أمر جديد لم يكن قبل حتى إذا وقع في الأخيرة أحاط به القدر من كل جانب قال تعالى: " هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا " الدهر: 1 فقد كان الانسان ولكنه لم يكن شيئا مذكورا.
وهذه الخزائن جميعا فوق عالمنا المشهود لأنه تعالى وصفها بأنها عنده وقد أخبرنا بقوله ما عندكم ينفد وما عند الله باق إن ما عنده ثابت لا يزول ولا يتغير عما هو عليه فهذه الخزائن كائنة ما كانت أمور ثابتة غير زائلة ولا متغيرة والأشياء في هذه النشأة المادية المحسوسة متغيرة فانية لا ثابتة ولا باقية فهذه الخزائن الإلهية فوق عالمنا المشهود.
هذا ما يعطيه التدبر في الآية الكريمة وهو وان كان لا يخلو من دقة وغموض يعضل على بادئ الفهم لكنك لو أمعنت في التدبر وبذلت في ذلك بعض جهدك استنار لك ووجدته من واضحات كلامه إن شاء الله تعالى وعلى من لم يتيسر له قبوله ان يعتمد الوجه الثالث المتقدم فهو أحسن الوجوه الثلاثة المتقدمة والله ولى الهداية وسنرجع إلى بحث القدر في كلام مستقل يختص به إن شاء الله في موضع يناسبه.
قوله تعالى: " وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين " اللواقح جمع لاقحة من اللقح بالفتح فالسكون يقال لقح النخل لقحا أي وضع اللقاح بفتح اللام وهو طلع الذكور من النخل على الإناث لتحمل بالتمر
(١٤٥)
مفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست