الظالمين) القصص: 25، وقال مخاطبا لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: (وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء) الأنفال: 58.
والخليل عليه السلام هو النبي الكريم الذي قام بالدعوة الحقة إذ لا يذكر اسم الله وحده، ونازع وثنية قومه فحاج أباه آزر وقومه وحاج الملك الجبار نمرود وكان يدعى الألوهية، وكسر أصنام القوم حتى ألقوه في النار فأنجاه الله من النار فلم يجبنه شئ من تلك المهاول، ولا هزمه في جهاده في سبيل الله هازم، ومثل هذا النبي على ما له من الموقف الروحي إن خاف من شئ أو وجل من أحد أو ارتاعه أمر - على اختلاف تعبير الآيات - فإنما يخافه خوف حزم ولا يخافه خوف جبن، وإذا خاف من شئ على نفسه أو عرضه أو ماله فإنما يخاف لله لا لهوى من نفسه.
قوله تعالى: (وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب) ضحكت من الضحك بفتح الضاد أي حاضت، ويؤيده تفريع البشارة عليه في قوله عقيبه: (فبشرناها) الخ، ويكون ضحكها أمارة تقرب البشرى إلى القبول، وآية تهيئ نفسها للاذعان بصدقهم فيما يبشرون به، ويكون ذكر قيامها لتمثيل المقام وأنها ما كانت تخطر ببالها أنها ستحيض وهى عجوز، وإنما كانت قائمة تنظر ما يجرى عليه الامر بين بعله وبين الضيفان النازلين به وتحادثهم.
والمعنى أن إبراهيم عليه السلام كان يكلمهم ويكلمونه في أمر الطعام والحال أن امرأته قائمة هناك تنظر إلى ما يجرى بين الضيفان وبين إبراهيم وما كان يخطر ببالها شئ دون ذلك ففاجأها انها حاضت فبشرته الملائكة بالولد.
وأكثر المفسرين اخذوا الكلمة من الضحك بكسر الضاد ضد البكاء ثم اختلفوا في توجيه سببه، وأقرب الوجوه هو أن يقال: إنها كانت قائمة هناك وقد ذعرت من امتناع الضيوف من الاكل وهو يهتف بالشر فلما لاحت لها أنهم ملائكة مكرمون نزلوا ببيتهم وأن لا شر في ذلك يتوجه إليهم سرت وفرحت فضحكت فبشروه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب.
وهناك وجوه أخر ذكروها خالية عن الدليل كقولهم: إنها ضحكت تعجبا من غفله قوم لوط، وقولهم: إنها ضحكت تعجبا من امتناع الضيوف من الاكل