فيه تحسري، ويا ويلتا بزيادة التاء عند النداء مثل يا أبتا.
والعجوز الشيخة من النساء، والبعل زوج المرأة والأصل في معناه القائم بالامر المستغنى عن الغير يقال للنخل الذي يستغنى بماء السماء عن سقى الأنهار والعيون بعل، ويقال للصاحب وللرب: بعل. ومنه بعلبك لأنه كان فيه هيكل بعض أصنامهم.
والعجيب صفة مشبهة من العجب وهو الحال العارض للانسان من مشاهدة ما لا يعلم سببه، ولذا يكثر في الأمور الشاذة النادرة للجهل بسببها عادة وقولها:
(يا ويلتى أألد) الخ، وارد مورد التعجب والتحسر فإنها لما سمعت بشارة الملائكة تمثل لها الحال بتولد ولد من عجوز عقيم وشيخ هرم بالغين في الكبر لا يعهد من مثلهما الاستيلاد فهو أمر عجيب على ما فيه من العار والشين عند الناس فيضحكون منهما ويهزؤن بهما وذلك فضيحة.
قوله تعالى: (قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد) المجد هو الكرم والمجيد الكريم كثير النوال وقد تقدم معنى بقية مفردات الآية.
وقولهم: (أتعجبين من أمر الله) استفهام إنكاري أنكرت الملائكة تعجبها عليها لان التعجب إنما يكون للجهل بالسبب واستغراب الامر، والامر المنسوب إلى الله سبحانه وهو الذي يفعل ما يشاء وهو على كل شئ قدير لا وجه للتعجب منه.
على أنه تعالى خص بيت إبراهيم بعنايات عظيمة ومواهب عالية يتفردون بها من بين الناس فلا ضير إن ضم إلى ما مضى من نعمه النازلة عليهم نعمة أخرى مختصة بهم من بين الناس وهو ولد من زوجين شائخين لا يولد من مثلهما ولد عادة.
ولهذا الذي ذكرنا قالت الملائكة لها في إنكار ما رأوا من تعجبها أولا:
(أتعجبين من أمر الله) فأضافوا الامر إلى الله لينقطع بذلك كل استعجاب واستغراب لان ساحة الألوهية لا يشق شئ عليها وهو الخالق لكل شئ.
وثانيا: (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت) فنبهوها بذلك أن الله انزل رحمته وبركاته عليهم أهل البيت، وألزمهم ذلك فليس من البعيد ان يكون من ذلك تولد مولود من والدين في غير سنهما العادي المألوف لذلك.