قوة الايمان على قوة أبدانهم، وقيل المراد بها قوة الأبدان كما قال نوح لقومه:
(استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين) نوح: 12 ولعل التعميم أولى.
وقوله: (ولا تتولوا مجرمين) بمنزلة التفسير لقوله: (استغفروا ربكم ثم توبوا إليه) أي إن عبادتكم لما اتخذتموه من الالهة دون الله إجرام منكم ومعصية توجب نزول السخط الإلهي عليكم فاستغفروا الله من إجرامكم وارجعوا إليه بالايمان حتى يرحمكم بإرسال سحب هاطلة ممطرة وزيادة قوة إلى قوتكم.
وفي الآية (أولا) إشعار أو دلالة على أنهم كانوا مبتلين بإمساك السماء والجدب والسنة كما ربما اومأ إليه قوله: (يرسل السماء) وكذا قولهم على ما حكاه الله تعالى في موضع آخر: (فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم) الأحقاف: 24.
وثانيا: أن هناك ارتباطا تاما بين الأعمال الانسانية وبين الحوادث الكونية التي تمسه فالأعمال الصالحة توجب فيضان الخيرات ونزول البركات، والأعمال الطالحة تستدعى تتابع البلايا والمحن، وتجلب النقمة والشقوة والهلكة كما يشير إليه قوله تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) الآية الأعراف: 96، وقد تقدم تفصيل الكلام فيه في بيان الآيات 94 - 102 من سورة الأعراف في الجزء الثامن من الكتاب، وفي أحكام الأعمال في الجزء الثاني منه.
قوله تعالى: (قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين) سألهم هود في قوله: (يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) إلى آخر الآيات الثلاث أمرين هما أن يتركوا آلهتهم ويعودوا إلى عبادة الله وحده وأن يؤمنوا به ويطيعوه فيما ينصح لهم فردوا عليه القول بما في هذه الآية إجمالا وتفصيلا:
أما إجمالا فبقولهم: (ما جئتنا ببينة) يعنون أن دعوتك خالية عن الحجة والآية المعجزة ولا موجب للاصغاء إلى ما هذا شأنه.
وأما تفصيلا فقد أجابوا عن دعوته إياهم إلى رفض الشركاء بقولهم: (وما