الخلق وهو ايجاد الشئ وإبداعه على هيئة مترشحة لفعل من الافعال فقوله: فطرة الله التي فطر الناس عليها إشارة منه تعالى إلى ما فطر أي أبدع وركز في الناس من معرفته، وفطرة الله هي ما ركز فيه من قوته على معرفه الايمان وهو المشار إليه بقوله: ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله. انتهى.
والظاهر أن الفطر هو الايجاد عن عدم بحت، والخصوصية المفهومة من مثل قوله: (فطرة الله التي فطر الناس عليها) إنما نشأت من بناء النوع الذي تشتمل عليه فطرة وهى فعلة، وعلى هذا فتفسير بعضهم الفطرة بالخلقة بعيد من الصواب، وإنما الخلق هو إيجاد الصورة عن مادة على طريق جمع الاجزاء، قال تعالى: (وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير) المائدة: 110.
والكلام مسوق لرفع التهمة والعبث والمعنى يا قوم لا أسألكم على ما أدعوكم أجرا وجزاء حتى تتهموني أنى أستدر به نفعا يعود إلى وإن أضر بكم، ولست أدعوكم من غير جزاء مطلوب حتى يكون عبثا من الفعل بل إنما أطلب به جزاء من الله الذي أوجدني وأبدعني أفلا تعقلون عنى ما أقوله لكم حتى يتضح لكم أنى ناصح لكم في دعوتي، ما أريد إلا أن أحملكم على الحق.
قوله تعالى: (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا) إلى آخر الآية تقدم الكلام في معنى قوله: (استغفروا ربكم ثم توبوا إليه) في صدر السورة.
وقوله: (يرسل السماء عليكم مدرارا) في موقع الجزاء لقوله: (استغفروا ربكم) الخ، أي أن تستغفروه وتتوبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا، والمراد بالسماء السحاب فإن كل ما علا وأظل فهو سماء، وقيل المطر وهو شائع في الاستعمال، والمدرار مبالغة من الدر، وأصل الدر اللبن ثم استعير للمطر ولكل فائدة ونفع فإرسال السماء مدرارا إرسال سحب تمطر أمطارا متتابعة نافعة تحيى بها الأرض وينبت الزرع والعشب، وتنضر بها الجنات والبساتين.
وقوله: (ويزدكم قوه إلى قوتكم) قيل المراد بها زيادة قوة الايمان على قوة الأبدان وقد كان القوم أولى قوة وشدة في أبدانهم ولو أنهم آمنوا انضافت