تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ٢٦٢
وجوده على حد ما يهدى سائر الأنواع إليه فكما هداه بواجب عنايته من طريق الخلقة والفطرة إلى ما فيه خيره وسعادته وهو الذي يبعثها إليه نظام الكون والجهازات التي جهز بها إلى أن يشعر بما فيه نفعه ويميز خيره من شره وسعادته من شقائه كما قال تعالى: (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) الشمس: 10.
يهديه بواجب عنايته إلى أصول وقوانين اعتقادية وعملية يتم له بتطبيق شؤون حياته عليها كماله وسعاته فإن العناية الإلهية بتكميل الأنواع بما يناسب نوع وجودها توجب هذا النوع من الهداية كما توجب الهداية التكوينية المحضة.
ولا يكفي في ذلك ما جهز به الانسان من العقل - وهو ههنا العملي منه - فإن العقل كما سمعت يبعث نحو الاستخدام ويدعو إلى الاختلاف، ومن المحال أن يفعل شئ من القوى الفعالة فعلين متقابلين ويفيد أثرين متناقضين، على أن المتخلفين من هذه القوانين والمجرمين بأنواع الجرائم المفسدة للمجتمع كلهم عقلاء ممتعون بمتاع العقل مجهزون به.
فظهر أن هناك طريقا آخر لتعليم الانسان شريعة الحق ومنهج الكمال والسعادة غير طريق التفكر والتعقل وهو طريق الوحي، وهو نوع تكليم إلهي يعلم الانسان ما يفوز بالعمل به والاعتقاد له في حياته الدنيوية والأخروية.
فإن قلت: الامر سواء فإن شرع النبوة لم يأت بأزيد مما لو كان العقل لاتى به فان العالم الانساني لم يخضع لشرائع الأنبياء كما لم يصغ إلى نداء العقل، ولم يقدر الوحي أن يدير المجتمع الانساني ويركبه صراط الحق فما هي الحاجة إليه؟
قلت: لهذا البحث جهتان: جهة أن العناية الإلهية من واجبها ان تهدى المجتمع الانساني إلى تعاليم تسعده وتكمله لو عمل بها وهى الهداية بالوحي ولا يكفي فيها العقل، وجهة ان الواقع في الخارج والمتحقق بالفعل ما هو؟ وانما نبحث في المقام من الجهة الأولى دون الثانية، ولا يضر بها ان هذه الطريقة لم تجر بين الناس إلى هذه الغاية إلا قليلا. وذلك كما أن العناية الإلهية تهدى أنواع النبات والحيوان إلى كمال خلقها وغاية وجودها ومع ذلك يسقط أكثر افراد كل نوع دون الوصول
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 5
2 سورة هود 134
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 210
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 247
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 247
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 248
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 248
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 249
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 250
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 250
11 قصة ابن نوح الغريق 250
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 251
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 252
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 257
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 259
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 264
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 266
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 267
19 3 - انبساط البحار واتساعها 268
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 269
21 5 - نتيجة البحث 270
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 270
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 271
24 8 - شبهة وجوابها 271
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 272
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 274
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 275
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 277
29 5 - الوثنية الصابئة 278
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 279
31 7 - الوثنية البوذية 283
32 8 - وثنية العرب 285
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 287
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 290
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 290
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 290
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 293
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 294
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 295
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 307
41 1 - عاد قوم هود 307
42 2 - شخصية هود المعنوية 308
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 317
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 317
45 3 - شخصية صالح 318
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 332
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 352
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 352
49 2 - عاقبة أمرهم 353
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 354
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 370
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 377
53 1 - قصته عليه السلام 377
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 378