تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٣٢٣
ويحتمل أن يكون الخطاب راجعا إلينا معاشر المخاطبين بالآيات أي إنما فعلنا ببني آدم ذلك حذر أن تقولوا أيها الناس يوم القيامة كذا وكذا، والأول أقرب ويؤيده قراءة: " أن يقولوا " بلفظ الغيبة.
وقوله: " أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل " هذه حجة الناس إن فرض الاشهاد وأخذ الميثاق من الآباء خاصة دون الذرية كما أن قوله: " أن تقولوا " الخ حجة الناس إن ترك الجميع فلم يقع إشهاد ولا أخذ ميثاق من أحد منهم.
ومن المعلوم أن لو فرض ترك الاشهاد وأخذ الميثاق في تلك النشأة كان لازمه عدم تحقق المعرفة بالربوبية في هذه النشأة إذ لا حجاب بينهم وبين ربهم في تلك النشأة فلو فرض هناك علم منهم كان ذلك إشهادا وأخذ ميثاق، وأما هذه النشأة فالعلم فيها من وراء الحجاب وهو المعرفة من طريق الاستدلال.
فلو لم يقع هناك بالنسبة إلى الذرية إشهاد وأخذ ميثاق كان لازمة في هذه النشأة أن لا يكون لهم سبيل إلى معرفة الربوبية فيها أصلا، وحينئذ لم يقع منهم معصية شرك بل كان ذلك فعل آبائهم، وليس لهم إلا التبعية العملية لآبائهم والنشوء على شركهم من غير علم فصح لهم أن يقولوا: " إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أ فتهلكنا بما فعل المبطلون.
قوله تعالى: " وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون " تفصيل الآيات تفريق بعضها وتمييزه من بعض ليتبين بذلك مدلول كل منها ولا تختلط وجود دلالتها، وقوله: " ولعلهم يرجعون " عطف على مقدر، والتقدير: لغايات عالية كذا وكذا ولعلهم يرجعون من الباطل إلى الحق.
(بحث روائي) في الكافي بإسناده عن زرارة عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى حيث خلق الخلق خلق ماء عذبا وماء مالحا أجاجا فامتزج الماءان فأخذ طينا من أديم الأرض فعركه عركا شديدا فقال لأصحاب اليمين وهم كالذر يدبون: إلى الجنة
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»
الفهرست