فلكل من ذريتهما أيضا خلقة تامة في ظرفه الخاص به فلم لم يؤخر إثبات المعرفة فيهم ولهم إلى تمام خلقتهم بالولادة حتى تتم عند ذلك الحجة وأي حاجة إلى التقديم؟.
فهذه جهات من الاشكال في تحقق الوجود الذري للانسان على ما فهموه من الروايات لا طريق إلى حلها بالأبحاث العلمية، ولا حمل الآية عليه معها حتى بناء على عادة القوم في تحميل المعنى على الآية إذا دلت عليه الرواية وإن لم يساعد عليه لفظ الآية لان الرواية القطعية الصدور كالآية مصونة عن أن تنطق بالمحال، وأما الحشوية وبعض المحدثين ممن يبطل حجة العقل الضرورية قبال الرواية، ويتمسك بالآحاد في المعارف اليقينية فلا بحث لنا معهم هذا ما على المثبتين.
بقي الكلام فيما ذكره النافون أن الآية تشير إلى ما عليه حال الانسان في هذه الحياة الدنيا، وهو أن الله سبحانه أخرج كلا من آحاد الانسان من الأصلاب والأرحام إلى مرحلة الانفصال والتفرق، وركب فيهم ما يعرفون به ربوبيته واحتياجهم إليه كأنه قال لهم إذا وجه وجوههم نحو أنفسهم المستغرقة في الحاجة:
أ لست بربكم؟ وكأنهم لما سمعوا هذا الخطاب من لسان الحال قالوا: بلى أنت ربنا شهدنا بذلك، وإنما فعل الله ذلك لتتم عليهم حجته بالمعرفة وتنقطع حجتهم عليه بعدم المعرفة، وهذا ميثاق مأخوذ منهم طول الدنيا جار ما جرى الدهر والانسان يجري معه.
والآية بسياقها لا تساعد عليه فإنه تعالى افتتح الآية بقوله: " وإذ أخذ ربك " الآية، فعبر عن ظرف هذه القضية بإذ وهو يدل على الزمن الماضي أو على أي ظرف محقق الوقوع نحوه كما في قوله: " وإذ قال الله يا عيسى بن مريم ء أنت قلت للناس - إلى أن قال - قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم " المائدة: 119 فعبر بإذن عن ظرف مستقبل لتحقق وقوعه.
وقوله: " وإذ أخذ ربك " خطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو له ولغيره كما يدل عليه قوله: " أن تقولوا يوم القيامة " الآية، إن كان الخطاب متوجها إلينا معاشر السامعين للآيات المخاطبين بها والخطاب خطاب دنيوي لنا معاشر أهل الدنيا، والظرف الذي يتكي عليه هو زمن حياتنا في الدنيا أو زمن حياة النوع الانساني فيها وعمره الذي هو طول اقامته في الأرض، والقصة التي يذكرها في الآية ظرفها عين ظرف وجود