اللسان والقلب هناك واحد، ولذلك قال عليه السلام: نعم وبقلوبهم فصدق اللسان، وأضاف إليه القلب.
ثم لما كان في ذهن الراوي أنه أمر واقع في الدنيا ونشأة الطبيعة، وقد ورد في بعض الروايات التي تذكر قصة إخراج الذرية من ظهر آدم: تعيين المكان له وقد روى بعضها هذا الراوي أعني أبا بصير سأله عليه السلام عن مكانهم بقوله: وأين كانوا يومئذ فأجابه عليه السلام بقوله: " صنع منهم ما اكتفى به " فلم يجبه بتعيين المكان بل بأن الله سبحانه خلقهم خلقا يصح معه السؤال والجواب، وكل ذلك يؤيد ما قدمناه في وصف هذا العالم، الرواية كغيرها مع ذلك كالصريح في أن التكليم والتكلم في الآية على الحقيقة دون المجاز بل هي صريحة فيه.
وفي الدر المنثور أخرج عبد بن حميد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن أبي أمامة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: خلق الله الخلق وقضى القضية، وأخذ ميثاق النبيين وعرشه على الماء، فأخذ أهل اليمين بيمينه، وأخذ أهل الشمال بيده الأخرى - وكلتا يد الرحمن يمين فقال: يا أصحاب اليمين فاستجابوا له فقالوا: لبيك ربنا، وسعديك. قال: أ لست بربكم؟ قالوا: بلى قال: يا أصحاب الشمال فاستجابوا له فقالوا لبيك ربنا وسعديك قال: أ لست بربكم؟ قالوا: بلى.
فخلط بعضهم ببعض فقال قائل منهم رب لم خلطت بيننا؟ قال: ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون أن يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ثم ردهم في صلب آدم فأهل الجنة أهلها وأهل النار أهلها.
فقال قائل: يا رسول الله فما الأعمال؟ قال: يعمل كل قوم لمنازلهم. فقال عمر بن الخطاب: إذا نجتهد.
أقول: قوله صلى الله عليه وآله وسلم " وعرشه على الماء " كناية عن تقدم أخذ الميثاق، وليس المراد به تقدم خلق الأرواح على الأجساد زمانا فإن عليه من الاشكال ما على عالم الذر بالمعنى الذي فهمه جمهور المثبتين، وقد تقدم.
وقوله: صلى الله عليه وآله وسلم " يعمل كل قوم لمنازلهم " أي أن كل واحد من المنزلين يحتاج إلى أعمال تناسبه في الدنيا فإن كان العامل من أهل الجنة عمل الخير لا محالة، وإن