تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٣٢٥
وفي تفسير العياشي عن رفاعة قال: سألت أبا عبد الله عن قول الله: " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم " قال: نعم لله الحجة على جميع خلقه أخذهم يوم أخذ الميثاق هكذا وقبض يده.
أقول: وظاهر الرواية أنها تفسر الاخذ في الآية بمعنى الإحاطة والملك.
وفي تفسير القمي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم أ لست بربكم قالوا بلى " قلت: معاينة كان هذا؟ قال: نعم فثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه ولولا ذلك لم يدر أحد من خالقه ورازقه فمنهم من أقر بلسانه في الذر ولم يؤمن بقلبه فقال الله: " فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل ".
أقول: والرواية ترد على منكري دلالة الآية على أخذ الميثاق في الذر تفسيرهم قوله: " وأشهدهم على أنفسهم أ لست بربكم " أن المراد به أنه عرفهم آياته الدالة على ربوبيته، والرواية صحيحة ومثلها في الصراحة والصحة ما سيأتي من رواية زرارة وغيره.
وفي الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن زرارة: أن رجلا سأل أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم " إلى آخر الآية، فقال وأبوه يسمع: حدثني أبي. أن الله عز وجل قبض قبضة من تراب التربة التي خلق منها آدم فصب عليها الماء العذب الفرات ثم تركها أربعين صباحا ثم صب عليها الماء المالح الأجاج فتركها أربعين صباحا فلما اختمرت الطينة أخذها فعركها عركا شديدا فخرجوا كالذر من يمينه وشماله وأمرهم جميعا أن يقعوا في النار فدخلها أصحاب اليمين فصارت عليهم بردا وسلاما، وأبى أصحاب الشمال أن يدخلوها.
أقول: وفي هذا المعنى روايات أخر وكان الامر بدخول النار كناية عن الدخول في حظيرة العبودية والانقياد للطاعة.
وفيه بإسناده عن عبد الله بن محمد الحنفي وعقبة جميعا عن أبي جعفر عليه السلام قال:
إن الله عز وجل خلق الخلق فخلق من أحب مما أحب فكان ما أحب أن خلقه من
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»
الفهرست