تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٣٢٦
طينة الجنة، وخلق من أبغض مما أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار ثم بعثهم في الظلال فقيل: وأي شئ الظلال؟ قال: أ لم تر إلى ظلك في الشمس شئ وليس بشئ ثم بعث معهم النبيين فدعوهم إلى الاقرار بالله وهو قوله: ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله، ثم دعوهم إلى الاقرار فأقر بعضهم وأنكر بعض، ثم دعوهم إلى ولايتنا فأقر بها والله من أحب وأنكرها من أبغض، وهو قوله: " وما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل " ثم قال أبو جعفر عليه السلام كان التكذيب.
أقول: والرواية وإن لم تكن مما وردت في تفسير آية الذر غير أنا أوردناها لاشتمالها على قصة أخذ الميثاق، وفيها ذكر الظلال، وقد تكرر ذكر الظلال في لسان أئمة أهل البيت عليهم السلام والمراد به - كما هو ظاهر الرواية - وصف هذا العالم الذي هو بوجه عين العالم الدنيوي وبوجه غيره، وله أحكام غير أحكام الدنيا بوجه وعينها بوجه فينطبق على ما وصفناه في البيان المتقدم.
وفي الكافي وتفسير العياشي عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كيف أجابوا وهم ذر؟ قال: جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه. وزاد العياشي: يعني في الميثاق.
أقول: وما زاده العياشي من كلام الراوي وليس المراد بقوله " جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه " دلالة حالهم على ذلك بل لما فهم الراوي من الجواب ما هو من نوع الجوابات الدنيوية استبعد صدوره عن الذر فسأل عن ذلك فأجابه عليه السلام بأن الامر هناك بحيث إذا نزلوا في الدنيا كان ذلك منهم جوابا دنيويا باللسان والكلام اللفظي، ويؤيده قوله عليه السلام ما إذا سألهم، ولم يقل: ما لو تكلموا ونحو ذلك.
وفي تفسير العياشي أيضا عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: " أ لست بربكم " قالوا بألسنتهم؟ قال نعم وقالوا بقلوبهم. فقلت: وأين كانوا يومئذ؟ قال:
صنع منهم ما اكتفى به.
أقول: جوابه عليه السلام أنهم قالوا: بلى بألسنتهم وقلوبهم مبني على كون وجودهم يومئذ بحيث لو انتقلوا إلى الدنيا كان ذلك جوابا بلسان على النحو المعهود في الدنيا لكن
(٣٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 ... » »»
الفهرست