وسائر الآيات تشير إليه بضم بعضها إلى بعض.
وأما الروايات فسيأتي أن بعضها يدل على أصل تحقق هذه النشأة الانسانية كالآية، وبعضها يذكر أن الله كشف لآدم عليه السلام عن هذه النشأة الانسانية، وأراه هذا العالم الذي هو ملكوت العالم الانساني، وما وقع فيه من الاشهاد وأخذ الميثاق كما أرى إبراهيم عليه السلام ملكوت السماوات والأرض.
رجعنا إلى الآية قوله: " وإذ اخذ ربك " أي واذكر لأهل الكتاب في تتميم البيان السابق أو واذكر للناس في بيان ما نزلت السورة لأجل بيانه وهو أن لله عهدا على الانسان وهو سائله عنه وأن أكثر الناس لا يفون به وقد تمت عليهم الحجة.
أذكر لهم موطنا قبل الدنيا أخذ فيه ربك " من بني آدم من ظهورهم ذريتهم " فما من أحد منهم إلا استقل من غيره وتميز منه فاجتمعوا هناك جميعا وهم فرادى فأراهم ذواتهم المتعلقة بربهم " وأشهدهم على أنفسهم " فلم يحتجبوا عنه وعاينوا أنه ربهم كما أن كل شئ بفطرته يجد ربه من نفسه من غير أن يحتجب عنه، وهو ظاهر الآيات القرآنية كقوله: " وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم " أسرى: 44.
" أ لست بربكم " وهو خطاب حقيقي لهم لا بيان حال وتكليم إلهي لهم فإنهم يفهمون مما يشاهدون أن الله سبحانه يريد به منهم الاعتراف وإعطاء الموثق، ولا نعنى بالكلام إلا ما يلقى للدلالة به على معنى مراد، وكذا الكلام في قوله: " قالوا بلى شهدنا ".
وقوله " أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين " الخطاب للمخاطبين بقوله: " أ لست بربكم " القائلين " بلى شهدنا " فهم هناك يعاينون الاشهاد والتكليم من الله والتكلم بالاعتراف من أنفسهم وإن كانوا في نشأة الدنيا على غفلة مما عدا المعرفة بالاستدلال، ثم إذا كان يوم البعث وانطوى بساط الدنيا، وانمحت هذه الشواغل والحجب عادوا إلى مشاهدتهم ومعاينتهم، وذكروا ما جرى بينهم وبين ربهم.