3 - ما أورد على الاخبار الناطقة بأن الله سبحانه أخذ من صلب آدم ذريته وأخذ منهم الميثاق، بأن الله سبحانه قال: " أخذ ربك من بني آدم " ولم يقل من آدم وقال: " من ظهورهم " ولم يقل من ظهره، وقال: " ذريتهم " ولم يقل: ذريته ثم أخبر بأنه إنما فعل بهم ذلك لئلا يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو يقولوا " إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم " الآية، وهذا يقتضي أن يكون لهم آباء مشركون فلا يتناول ظاهر الآية أولاد آدم لصلبه.
ومن هنا قال بعضهم: إن الآية خاصة ببعض بني آدم غير عامة لجميعهم فإنها لا تشمل آدم وولده لصلبه، وجميع المؤمنين ومن المشركين من ليس له آباء مشركون بل تختص بالمشركين الذين لهم سلف مشرك.
4 - أن تفسير الآية بعالم الذر ينافي قولهم - كما في الآية - " إنما أشرك آباؤنا " لدلالته على وجود آباء لهم مشركين، وهو ينافي وجود الجميع هناك بوجود واحد جمعي.
5 - ما ذكره بعضهم أن الروايات مقبولة مسلمة غير أنها ليست بتأويل للآية، والذي تقصه من حديث عالم الذر إنما هو أمر فعله الله سبحانه ببني آدم قبل وجودهم في هذه النشأة ليجروا بذلك على الاعراق الكريمة في معرفة ربوبيته كما روي: أنهم ولدوا على الفطرة، وكما قيل أن نعيم الأطفال في الجنة ثواب إيمانهم بالله في عالم الذر.
وأما الآية فليست تشير إلى ما تشير إليه الروايات فإن الآية تذكر أنه إنما فعل بهم ذلك لتنقطع به حجتهم يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، ولو كان المراد به ما فعل بهم في عالم الذر لكان لهم أن يحتجوا على الله فيقولوا: ربنا إنك أشهدتنا على أنفسنا يوم أخرجتنا من صلب آدم فكنا على يقين بأنك ربنا كما أنا اليوم وهو يوم القيامة - على يقين من ذلك لكنك أنسيتنا موقف الاشهاد في الدنيا التي هي موطن التكليف والعمل، ووكلتنا إلى عقولنا فعرف ربوبيتك من عرفها بعقله، وأنكرها من أنكرها بعقله كل ذلك بالاستدلال فما ذنبنا في ذلك وقد نزعت منا عين المشاهدة، وجهزتنا بجهاز شأنه الاستدلال وهو يخطئ ويصيب.
6 - أن الآية لا صراحة لها فيما تدل عليه الروايات لامكان حملها على التمثيل، وأما الروايات فهي أما مرفوعة أو موقوفة ولا حجية فيها.