تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٢٥٣
قوله تعالى: " إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم " الآية. تنكير الغضب وكذا الذلة للاشعار بعظمتهما وقد أبهم الله سبحانه ما سينالهم من غضبه وذلة الحياة فلم يبين ما هما فمن المحتمل أن تكون الإشارة بذلك إلى ما جرى عليهم بعد ذلك من تحريق العجل المعبود ونسفه في اليم وطرد السامري وقتل جمع منهم، أو أن يكون المراد به ما ضرب الله على قومهم من الذلة والمسكنة والقتل والإبادة والاسارة، ويمكن أن يكون المراد بالغضب هو عذاب الآخرة فيجمع لهم بذلك هوان الآخرة وذلة الدنيا.
وكيف كان فذيل الآية: " وكذلك نجزي المفترين " بظاهره يدل على أن ذلك أعني نيل غضب الرب سبحانه وذلة الحياة الدنيا سنة جارية إلهية في المفترين على الله وهذا الذي يدل عليه الآية يهدي إليه الأبحاث العقلية أيضا كما مر مرارا.
قوله تعالى: " والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها أن ربك من بعدها لغفور رحيم " ضمير " من بعدها " الأول راجع إلى السيئات، والثاني إلى التوبة، ومعنى الآية ظاهر.
والآية وإن كانت في نفسها عامة لكنها بالنظر إلى المورد بمنزلة الاستثناء من الذين اتخذوا العجل المذكورين في الآية السابقة فالتوبة إذا تحققت بحقيقة معناها في أية سيئة كانت لم يمنع من قبولها مانع كما تقدم في تفسير قوله تعالى: " إنما التوبة على الله " الآية.
النساء: 17 . وهذه الآية والتي قبلها معترضتان في القصة، ووجه الخطاب فيهما إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم والدليل على ذلك قوله في الآية الأولى: " وكذلك نجزي المفترين " وفي الآية الثانية:
" أن ربك " الآية وظاهر السياق أن الكلام فيهما جار على حكاية الحال الماضية بدليل قوله: " سينا لهم غضب ".
قوله تعالى: " ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح " الآية الرهبة هي خوف مع تحرز: والباقي ظاهر
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست