تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٢٥٩
وفي الدر المنثور أخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عدي في الكامل وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في كتاب الرؤية من طرق عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرأ هذه الآية:
" فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا " قال هكذا وأشار بإصبعيه، ووضع طرف إبهامه على أنملة الخنصر - وفي لفظ: على المفصل الاعلى من الخنصر - فساخ الجبل وخر موسى صعقا - وفي لفظ: فساخ الجبل في الأرض - فهو يهوي فيها إلى يوم القيامة.
أقول: ووقع في أحاديث أئمة أهل البيت عليهم السلام أن الجبل دك فصار رميما، وفي بعضها أنه ساخ في البحر فهو يهوي حتى الساعة، وفي بعضها: إلى هذه الساعة، والمحصل من تفسير بعضها ببعض أنه صار رميما نزل البحر فلا يرى منه أثر أبدا وينبغي أن يكون هذا معنى قوله: فساخ الجبل في الأرض أو في البحر فهو يسخ إلى يوم القيامة أو إلى الساعة.
وفيه أخرج أبو الشيخ وابن مردويه من طريق ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: " فلما تجلى ربه للجبل " قال: أظهر مقدار هذا ووضع الابهام على خنصر الإصبع الصغرى. فقال حميد - راوي الحديث - يا أبا محمد - الراوي عن أنس - ما تريد إلى هذا؟ فضرب في صدره وقال: من أنت يا حميد؟ وما أنت يا حميد؟ يحدثني أنس ابن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقول أنت: ما تريد إلى هذا؟.
وفيه: أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية: " رب أرني أنظر إليك " قال: قال الله عز وجل يا موسى إنه لا يراني حي إلا مات، ولا يابس إلا تدهده ولا رطب إلا تفرق، وإنما يراني أهل الجنة الذين لا تموت أعينهم، ولا تبلى أجسادهم.
أقول: والرواية نظيرة ما تقدم من رواية التوحيد عن علي عليه السلام وتقدم توضيح معناها.
وفي تفسير العياشي عن أبي بصير، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال:
لما سأل موسى ربه تبارك وتعالى، قال: " رب أرني أنظر إليك " قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني " قال: فلما صعد موسى على الجبل فتحت
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»
الفهرست