تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٢١٢
وقوله: " بآياتنا " الظاهر أن المراد بها ما أتى به في أول الدعوة من إلقاء العصا فإذا هي ثعبان، وإخراج يده من جيبه فإذا هي بيضاء، والآيات التي أرسلها الله إليهم بعد ذلك من الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات، ولم ينقل القرآن الكريم لنبي من الأنبياء من الآيات الكثيرة ما نقله عن موسى عليه السلام.
وقوله: " فظلموا بها " أي بالآيات التي أرسل بها على ما سيذكره الله سبحانه في خلال القصة، وظلم كل شئ بحسبه، وظلم الآيات إنما هو التكذيب بها والانكار لها.
وقوله: " فانظر كيف كان عاقبة المفسدين " ذكر عاقبة الافساد في الاعتبار بأمرهم لانهم كانوا يفسدون في الأرض ويستضعفون بني إسرائيل، وقد كان في متن دعوة موسى حين ألقاها إلى فرعون: " فأرسل معي بني إسرائيل " وفي سورة طه:
" فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم " طه: 47.
قوله تعالى: " وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين " شروع في تفصيل قصة الدعوة كما تقدمت الإشارة إليه، وقد عرف نفسه بالرسالة ليكون تمهيدا لذكر ما أرسل لأجله، وذكره تعالى باسمه رب العالمين أنسب ما يتصور في مقابلة الوثنيين الذين لا يرون إلا أن لكل قوم أو لكل شأن من شؤون العالم وطرف من أطرافه ربا على حدة.
قوله تعالى: " حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق " إلى آخر الآية تأكيد لصدقه في رسالته أي أنا حري بأن أقول قول الحق ولا أنسب إلى الله في رسالتي منه إليك شيئا من الباطل لم يأمرني به الله سبحانه وقوله: " قد جئتكم ببينة من ربكم " في موضع التعليل بالنسبة إلى جميع ما تقدم أو بالنسبة إلى قوله: " إني رسول من رب العالمين " لأنه هو الأصل الذي يتفرع عليه غيره.
ولعل تعدية " حقيق " بعلى من جهة تضمينه معنى حريص أي حريص على كذا حقيقا به، والمعروف في اللغة تعدية حقيق بمعنى حري بالباء يقال: فلان حقيق بالاكرام أي حري به لائق.
وقرئ: " حقيق علي " بتشديد الياء والحقيق على هذا مأخوذ من حق عليه كذا أي وجب، و المعنى واجب علي أن لا أقول على الله إلا الحق فالحقيق خبر
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست