تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٢١٥
قوله تعالى: " يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون " أي يريد أن يتأيد ببني إسرائيل فيتملك مصر، ويبطل استقلالكم ويخرجكم من أرضكم، وكثيرا ما كان يتفق في الاعصار السابقة أن يهجم قوم على قوم فيتغلبوا عليهم فيشغلوا أرضهم ويتملكوا ديارهم فيخرجوهم منها ويشردوهم في الأرض.
قوله تعالى: " قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين " إلى آخر الآية التالية. أرجه بسكون الهاء أمر من الارجاء بمعنى التأخير والهاء للسكت إي أخره وأخاه ولا تعجل لهما بشر كالقتل ونحوه حتى ترمى بظلم أو قسوة ونحوهما بل ابعث في المدائن من جنودك حاشرين يجمعون السحرة فيأتوك بهم ثم عارض سحر موسى بسحر السحرة.
وقرئ: أرجه بكسر الجيم والهاء وأصله أرجئه قلبت الهمزة ياء ثم حذفت، والهاء ضمير راجع إلى موسى، وأخوه هو هارون عليهما السلام.
قوله تعالى: " وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لاجرا " إلى آخر الآية التالية أي فأرسل حاشرين فحشروهم وجاء السحرة كل ذلك محذوف للايجاز.
وقولهم: " إن لنا لاجرا " سؤال للاجر جئ به في صورة الخبر للتأكيد، وإفادة الطلب الانشائي في صورة الاخبار شائع، ويمكن أن يكون استفهاما بحذف أداته، ويؤيده قراءه ابن عامر: " أئن لنا لاجرا " وقوله: " قال نعم وإنكم لمن المقربين " إجابة لمسؤلهم مع زيادة وعدهم بالتقريب.
قوله تعالى: " قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين " خيروه بين أن يكون هو الملقي بعصاه وبين أن يكونوا هم الملقين لما أعدوه من الحبال والعصي وهذا التخيير في مقام استعدوا لمقابلته، ولا محالة يفيد التخيير في الابتداء بالالقاء فمعناه إن شئت ألق عصاك أولا وإن شئت ألقينا حبالنا وعصينا أولا.
وفيه نوع من التجلد لدلالته على أنهم لا يبالون بأمر سواء ألقى قبلهم أو بعدهم فلا يهابونه على أي حال لوثوقهم بأنهم هم الغالبون ولا يخلو التخيير مع ذلك عن نوع من التأدب.
قوله تعالى: " قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس " إلى آخر الآية، السحر هيهنا نوع تصرف في حاسة الانسان بإدراك أشياء لا حقيقة لها في الخارج وقد تقدم
(٢١٥)
مفاتيح البحث: البعث، الإنبعاث (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»
الفهرست