تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٢١٤
ليتأيد بهم ثم يخرجكم من أرضكم ويذهب بطريقتكم المثلى فماذا تأمرون به في إبطال كيده، وإخماد ناره التي أوقدها؟ أ من الواجب مثلا أن يقتل أو يصلب أو يسجن أو يعارض بساحر مثله؟. فاستصوبوا آخر الآراء، وقدموه إلى فرعون أن أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل ساحر عليم.
ومن ذلك يظهر أن قوله تعالى: " فما ذا تأمرون " حكاية ما قاله بعض الملا لبعض وقوله: " قالوا أرجه " الخ، حكاية ما قدموه من رأي الجميع إلى فرعون وقد اتفقوا عليه، وقد حكى الله سبحانه في موضع آخر من كلامه هذا القول بعينه من فرعون يخاطب به ملاه قال تعالى: " قال للملا حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم " الشعراء: 37.
ويظهر مما في الموضعين أنهم إنما شاوروا حول ما قاله فرعون ثم صوبوه ورأوا إن يجيبه بسحر مثل سحره، وقد حكى الله أيضا هذا القول عن فرعون يخاطب به موسى حتى بالذي أشار إليه الملا من معارضة سحره بسحر آخر مثله إذ قال: " قال أ جئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى فلنأتينك بسحر مثله " طه: 58، ولعل ذلك محصل ما خرج من مشاورتهم حول ما قاله فرعون بعد ما قدم إلى فرعون مخاطب به موسى من قبل نفسه.
وللملا جلسة مشاورة أخرى أيضا بعد قدوم السحرة إلى فرعون ناجى فيها بعضهم بعضا بمثل ما في هذه الآيات قال تعالى: " فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى " طه: 63.
فتبين أن أصل الكلام لفرعون ألقاه إليهم ليتشاوروا فيه ويروا رأيهم فيما يفعل به فرعون فتشاوروا وصدقوا قوله وأشاروا بالارجاء وجمع السحرة للمعارضة فقبله ثم ذكره لموسى ثم اجتمعوا للمشاورة والمناجاة ثانيا بعد مجئ السحرة واتفقوا أن يجتمعوا عليه ويعارضوه بكل ما يقدرون عليه من السحر صفا واحدا.
(٢١٤)
مفاتيح البحث: القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست