الامر الإلهي، ولذا كان الاخذ بغتة وفجأة من غير أن يشعروا به، وهم يظنون أنهم عالمون بمجاري الأمور، وخصوصيات الأسباب، لهم أن يتقوا ما يهددهم من أسباب الهلاك بوسائل دافعة يهديهم إليها العلم، قال تعالى: " فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم " المؤمن: 83.
قوله تعالى: " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات " إلى آخر الآية. البركات أنواع الخير الكثير ربما يبتلى الانسان بفقده كالأمن والرخاء والصحة والمال والأولاد وغير ذلك.
وقوله: " لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض " فيه استعارة بالكناية فقد شبهت البركات بمجاري تجري منها عليهم كل ما يتنعمون به من نعم الله لكنها سدت دونهم فلا يجري عليهم منها شئ لكنهم لو آمنوا واتقوا لفتحها الله سبحانه فجرى عليهم منها بركات السماء من الأمطار والثلوج والحر والبرد وغير ذلك كل في موقعه وبالمقدار النافع منه، وبركات الأرض من النبات والفواكه والامن وغيرها ففي الكلام استعارة المجاري للبركات ثم ذكر بعض لوازمه وآثاره وهو الفتح للمستعار له.
وفي قوله: " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا " الآية دلالة على أن افتتاح أبواب البركات مسبب لايمان أهل القرى جميعا وتقواهم أي أن ذلك من آثار إيمان النوع الانساني وتقواه لا إيمان البعض وتقواه فإن إيمان البعض وتقواه لا ينفك عن كفر البعض الآخر وفسقه، ومع ذلك لا يرتفع سبب الفساد وهو ظاهر.
وفي قوله: " ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون " دلالة على أن الاخذ بعنوان المجازاة وقد تقدم في البيان المذكور آنفا ما يتبين به كيفية ذلك، وأنه في الحقيقة أعمال الانسان ترد إليه.
قوله تعالى: " أ فأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون " البيات والتبييت قصد العدو ليلا، وهو من المكر لان الليل سكن يسكن فيه الانسان ويميل بالطبع إلى أن يستريح وينقطع عن غيره بالنوم والسكون.
وقد فرع مضمون الآية على ما قبله إي إذا كان هذا حال أهل القرى أنهم يغترون بما تحت حسهم عما وراءه فيفجؤون ويأخذهم العذاب بغتة وهم لا يشعرون فهل أمنوا