ومبتدأه قوله: أن لا أقول، الآية والباقي ظاهر.
قوله تعالى: " قال أن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين " الشرط في صدر الآية أعني قوله: " إن كنت جئت بآية " يتضمن صدقه عليه السلام فأنه إذا كان جائيا بآية واقعة فقد صدق في إخباره بأنه قد جاء بآية لكن الشرط في ذيل الآية تعريض يومئ به إلى أنه ما يعتقد بصدقه في أخباره بوجود آية معه فكأنه قال: إن كنت جئت بآية فأت بها وما أظنك تصدق في قولك، فلا تكرار في الشرط.
قوله تعالى: " فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين " الفاء جوابية كما قيل أي فأجابه بإلقاء عصاه، وهذه هي فاء التفريع والجواب مستفاد من خصوصية المورد.
والثعبان الحية العظيمة ولا تنافي بين وصفه هيهنا بالثعبان المبين وبين ما في موضع آخر من قوله تعالى: " فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب " القصص: 31، والجان هي الحي الصغيرة لاختلاف القصتين كما قيل فإن ذكر الجان إنما جاء في قصة ليلة الطور وقد قال تعالى فيها في موضع آخر: " فألقاها فإذا هي حية تسعى " طه: 20، وأما ذكر الثعبان فقد جاء في قصة إتيانه لفرعون بالآيات حين سأله ذلك.
قوله تعالى: " ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين " إي نزع يده من جيبه على ما يدل عليه قوله تعالى: " واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء " طه:
22، وقوله: " اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء " القصص: 32.
والاخبار وإن وردت فيها أن يده عليه السلام كانت تضئ كالشمس الطالعة عند إرادة الاعجاز بها لكن الآيات لا تقص أزيد من أنها كانت تخرج بيضاء للناظرين إلا أن كونها آية معجزة تدل على أنها كانت تبيض ابيضاضا لا يشك الناظرون في أنها حالة خارقة للعادة.
قوله تعالى: " قال الملا من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم " لم يذكر تعالى ما قاله فرعون عند ذلك، وإنما الذي ذكر محاورة الملا بعضهم بعضا كأنهم في مجلس مشاورة يذاكر بعضهم بعضا ويشير بعضهم إلى ما يراه ويصوبه آخرون فيقدمون ما صوبوه من رأي إلى فرعون ليعمل به فهم لما تشاوروا في أمر موسى وما شاهدوه من آياته المعجزة قالوا: " إن هذا لساحر عليم " وإذا كان ساحرا غير صادق فيما يذكره من رسالة الله سبحانه فإنما يتوسل بهذه الوسيلة إلى نجاة بني إسرائيل واستقلالهم في أمرهم