عنا فإذا نحن فرغنا فلتقعد معهم إن شئت قال: نعم، قالوا: فاكتب لنا عليك بذلك كتابا، فدعا بالصحيفة ودعا عليا ليكتب، ونحن قعود في ناحية.
إذ نزل جبرئيل بهذه الآية: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي - إلى قوله - فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة فألقى رسول الله صلى الله عليه وآله الصحيفة من يده ثم دعانا فأتيناه وهو يقول: سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة، فكنا نقعد معه فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا فأنزل الله: واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه الآية. قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقعد معنا بعد فإذا بلغ الساعة التي يقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم.
أقول: ورواه في المجمع عن سلمان وخباب وفي معنى هذه الروايات الثلاث المتقدمة بعض روايات أخر، والرجوع إلى ما تقدم في أول السورة من استفاضة الروايات على نزول سورة الأنعام دفعة ثم التأمل في سياق الآيات لا يبقى ريبا أن هذه الروايات إنما هي من قبيل ما نسميه تطبيقا بمعنى أنهم وجدوا مضامين بعض الآيات تقبل الانطباق على بعض القصص الواقعة في زمن النبي صلى الله عليه وآله فعدوا القصة سببا لنزول الآية لا بمعنى أن الآية إنما نزلت وحدها ودفعة لحدوث تلك الواقعة ورفع الشبهة الطارئة من قبلها بل بمعنى ان الآية يرتفع بها ما يطرء من قبل تلك الواقعة من الشبهة كما ترتفع بها الشبه الطارئة من قبل سائر الوقائع من أشباه الواقعة ونظائرها كما يشهد بذلك ما ترى في هذه الروايات الثلاث الواردة في سبب نزول قوله: ولا تطرد الذين يدعون الآية فإن الغرض فيها واحد لكن القصص مختلفة في عين أنها متشابهة فكأنهم جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وآله واقترحوا عليه أن يطرد عنه الضعفاء كرة بعد كرة وعنده في كل مرة عدة من ضعفاء المؤمنين وفي مضمون الآية انعطاف إلى هذه الاقتراحات أو بعضها.
وعلى هذه الوتيرة كانوا يذكرون أسباب نزول الآيات بمعنى القصص والحوادث الواقعة. في زمنه صلى الله عليه وآله مما لها مناسبة ما مع مضامين الآيات الكريمة من غير أن تكون للآية مثلا نظر إلى خصوص القصة والواقعة المذكورة، ثم شيوع النقل بالمعنى في الأحاديث والتوسع البالغ في كيفية النقل أوهم أن الآيات نزلت في خصوص الوقائع الخاصة على أن تكون أسبابا منحصرة، فلا اعتماد في أمثال هذه الروايات الناقلة لأسباب النزول وخاصة في أمثال هذه السورة من السور التي نزلت دفعة على أزيد من أنها تكشف عن نوع ارتباط