تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٣٤٧
ومن هذه الهداية ما هي إراءة الطريق كما في قوله تعالى: (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) (الدهر: 3).
ومنها ما هي بمعنى الايصال إلى المطلوب كما في قوله تعالى: (ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه) (الأعراف: 176) وقد عرف الله سبحانه هذه الهداية تعريفا بقوله: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام) (الآية: 125) فهى انبساط خاص في القلب يعى به القول الحق والعمل الصالح من غير أن يتضيق، به وتهيؤ مخصوص لا يأبى به التسليم لأمر الله ولا يتحرج عن حكمه.
وإلى هذا المعنى يشير تعالى بقوله: (أفمن شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه - إلى أن قال - ذلك هدى الله يهدى به من يشاء) (الزمر: 23) وقد وصفه في الآية بالنور لأنه ينجلى به للقلب ما يجب عليه أن يعيه من التسليم لحق القول وصدق العمل عما يجب عليه أن لا يعيه ولا يقبله وهو باطل القول وفاسد العمل.
وقد رسم الله سبحانه لهذه الهداية رسما آخر وهو ما في قوله عقيب ذكره هدايته أنبياءه الكرام وما خصهم به من النعم العظام: (واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ذلك هدى الله يهدى به من يشاء من عباده) (الانعام: 88) فقد أوضحنا في تفسير الآية أن الآية تدل على أن من خاصة الهداية الإلهية أنها تورد المهتدين بها صراطا مستقيما وطريقا سويا لا تخلف فيه ولا اختلاف.
فلا بعض أجزاء صراطه الذي هو دينه بما فيه من المعارف والشرائع يناقض البعض الاخر لما أن الجميع يمثل التوحيد الخالص الذي ليس إلا حقيقة ثابتة واحدة، ولما أن كلها مبنية على الفطرة الإلهية التي لا تخطئ في حكمها ولا تتبدل في نفسها ولا في مقتضياتها.
ولا بعض الراكبين عليه السائرين فيه يألفون بعضا آخر فالذي يدعو إليه نبي من أنبياء الله هو الذي يدعو إليه جميعهم، والذي يندب إليه خاتمهم وآخرهم هو الذي يندب إليه آدمهم وأولهم من غير أي فرق إلا من حيث الاجمال والتفصيل.
(بحث روائي) في الكافي بإسناده عن زيد قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في قول الله تبارك وتعالى: (أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به في الناس) فقال: ميت لا
(٣٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346