تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١٢٦
فالذي في داخل حدودها وأقدارها يرجع بالحقيقة إلى ما في خزائن الغيب ويرجع إلى الغيب المطلق، وأما هي مع ما لها من الحد والقدر فهى التي من شأنها أن يقع عليها شهودنا ويتعلق بها علمنا فعند ما نعلم بها تصير من الشهادة وعند ما نجهل بها تصير غيبا، ومن الحري أن نسميها عند ما تصير مجهولة لنا غيبا نسبيا لان هذا الوصف الذي يطرؤها عندئذ وصف نسبي يختلف بالنسب والإضافات كما أن ما في الدار مثلا من الشهادة بالنسبة إلى من فيها، ومن قبيل الغيب بالنسبة إلى من هو في خارجها، وكذا الأضواء والألوان المحسوسة بحاسة البصر من الشهادة بالنسبة إلى البصر، ومن الغيب بالنسبة إلى حاسة السمع، والمسموعات التي ينالها السمع شهادة بالنسبة إليه وغيب بالنسبة إلى البصر، ومحسوساتهما جميعا من الشهادة بالنسبة إلى الانسان الذي يملكهما في بدنه ومن الغيب بالنسبة إلى غيره من الأناسي.
والتي عدها تعالى في الآية بقوله: (ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبه في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس) من هذا الغيب النسبي فإنها جميعا أمور محدودة مقدرة لا تأبى بحسب طبعها أن يتعلق بها علمنا ولا أن يكون مشهودة لنا فهى من الغيب النسبي.
وقد دلت الآية على أن هذه الأمور في كتاب مبين فما هو الذي منها في كتاب مبين؟
أهو هذه الأشياء من جهة شهادتها وغيبها جميعا أم هي من جهة غيبها فقط؟ وبعبارة أخرى:
الكتاب المبين أهو هذا الكون المشتمل على أعيان هذه الأشياء لا يغيب عنه شئ منها وإن غاب بعضها عن بعض أم هو أمر وراء هذا الكون مكتوبة فيه هذه الأشياء نوعا من الكتابة مخزونة فيه نوعا من الخزن غائبة من شهادة الشهداء من أهل العالم فيكون ما في الكتاب من الغيب المطلق.
وبلفظ آخر الأشياء الواقعة في الكون المعدودة بنحو العموم في الآية أهي واقعة بنفسها في الكتاب المبين كما تقع الخطوط بأنفسها في الكتب التي عندنا أم هي واقعة بمعانيها فيه كما تقع المطالب الخارجية بمعانيها بنوع من الوقوع في ما نكتبه من الصحائف والرسائل ثم تطابق الخارج مطابقة العلم العين؟.
لكن قوله تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل ان نبرأها) (الحديد: 22) يدل على أن نسبة هذا الكتاب إلى الحوادث الخارجية نسبة الكتاب الذي يكتب فيه برنامج العمل إلى العمل الخارجي، ويقرب منه قوله تعالى
(١٢٦)
مفاتيح البحث: الشهادة (6)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346