تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١٢٥
(المنافقون: 7) وقال: (أم عندهم خزائن رحمة ربك) (ص: 9) فالأقرب أن يكون المراد بمفاتح الغيب خزائنه.
وكيف كان فقوله: (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) مسوق لبيان انحصار العلم بالغيب فيه تعالى إما لان خزائن الغيب لا يعلمها إلا الله، وإما لان مفاتيح الغيب لا يعلمها غيره تعالى فلا سبيل لغيره إلى تلك الخزائن إذ لا علم له بمفاتيحها التي يتوصل بها إلى فتحها والتصرف فيها.
وصدر الآية وإن أنبأ عن انحصار علم الغيب فيه تعالى لكن ذيلها لا يختص بعلم الغيب بل ينبئ عن شمول علمه تعالى بكل شئ أعم من أن يكون غيبا أو شهادة فإن كل رطب ويابس لا يختص بما يكون غيبا وهو ظاهر فالآية بمجموعها يبين شمول علمه تعالى لكل غيب وشهادة، غير أن صدرها يختص ببيان علمه بالغيوب، وذيلها ينبئ عن علمه بكل شئ أعم من الغيب والشهادة.
ومن جهة أخرى صدر الآية يتعرض للغيوب التي هي واقعة في خزائن الغيب تحت أستار الخفاء وأقفال الابهام، وقد ذكر الله سبحانه في قوله: وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) (الحجر: 21) أن التي في خزائن الغيب عنده من الأشياء أمور لا يحيط بها الحدود المشهودة في الأشياء، ولا يحصرها الاقدار المعهودة، ولا شك انها انما صارت غيوبا مخزونة لما فيها من صفة الخروج عن حكم الحد والقدر فإنا لا نحيط علما إلا بما هو محدود ومقدر، وأما التي في خزائن الغيب من الأشياء فهى قبل النزول في منزل الشهود والهبوط إلى مهبط الحد والقدر، وبالجملة قبل أن يوجد بوجوده المقدر له غير محدودة مقدرة مع كونها ثابتة نوعا من الثبوت عنده تعالى على ما تنطق به الآية.
فالأمور الواقعة في هذا الكون المشهود المسجونة في سجن الزمان هي قبل وقوعها وحدوثها موجودة عند الله ثابته في خزائنه نوعا من الثبوت مبهما غير مقدر وإن لم نستطع أن نحيط بكيفية ثبوتها فمن الواقع في مفاتح الغيب وخزائنه الأشياء قبل حدوثها واستقرارها في منزلها المقدر لها من منازل الزمان، ولعل هناك أشياء أخر مذخورة مخزونة لا تسانخ ما عندنا من الأمور الزمانية المشهودة المعهودة، ولنسم هذا النوع من الغيب غير الخارج إلى عرصة الشهود بالغيب المطلق.
وأما الأشياء بعد تلبسها بلباس التحقق والوجود ونزولها في منزلها بالحد والقدر
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346