ويحكمون على طائفة بالأعضاد من طائفة أخرى ولذلك لا يثبتون في مقامهم إذا خالفت إرادتهم إرادة الكل بل سقطوا عن مقامهم وبان ضعفهم.
ومن هنا يظهر الوجه في تعقيب قوله (ومن أحسن قولا) (الخ) بقوله (ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكل شئ محيطا).
(بحث روائي) في تفسير القمي: إن سبب نزولها (يعنى قوله تعالى (إنا أنزلنا إليك الكتاب) الآيات) أن قوما من الأنصار من بنى أبيرق إخوة ثلاثة كانوا منافقين: بشير، وبشر، ومبشر. فنقبوا على عم قتادة بن النعمان - وكان قتادة بدريا - وأخرجوا طعاما كان أعده لعياله وسيفا ودرعا.
فشكا قتادة ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله إن قوما نقبوا على عمى، وأخذوا طعاما كان أعده لعياله وسيفا ودرعا، وهم أهل بيت سوء، وكان معهم في الرأي رجل مؤمن يقال له: (لبيد بن سهل) فقالوا بنو أبيرق لقتادة: هذا عمل لبيد بن سهل، فبلغ ذلك لبيدا فأخذ سيفه وخرج عليهم فقال: يا بنى أبيرق أترمونني بالسرقة؟
وأنتم أولى به منى، وأنتم المنافقون تهجون رسول الله، وتنسبون إلى قريش، لتبينن ذلك أو لأملأن سيفى منكم، فداروه وقالوا له: ارجع يرحمك الله فإنك برئ من ذلك.
فمشوا بنو أبيرق إلى رجل من رهطهم يقال له: (أسيد بن عروة) وكان منطقيا بليغا فمشى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله إن قتادة بن النعمان عمد إلى أهل بيت منا أهل شرف وحسب ونسب فرماهم بالسرق واتهمهم بما ليس فيهم فاغتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لذلك، وجاءه قتادة فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: عمدت إلى أهل بيت شرف وحسب ونسب فرميتهم بالسرقة، وعاتبه عتابا شديدا فاغتم قتادة من ذلك، ورجع إلى عمه وقال له: يا ليتني مت ولم أكلم رسول الله فقد كلمني بما كرهته. فقال عمه: الله المستعان.
فأنزل الله في ذلك على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق - إلى أن قال - إذ يبيتون ما لا يرضى من القول) (قال القمي) يعنى الفعل فوقع القول مقام الفعل