الغالب الدائم وهو ظاهر.
ومما تقدم يظهر ما في كلام بعض المفسرين حيث ذكر في قوله تعالى (واستغفر الله) أنه أمر بالاستغفار عما هم به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الدفاع والذب عن هذا الخائن المذكور في الآية، وقد سأله قومه أن يدفع عنه ويكون خصيما له على يهودي.
وذلك أن هذا القدر أيضا تأثير منهم بأثر مذموم، وقد نفى الله سبحانه عنه صلى الله عليه وآله وسلم كل ضرر.
(قوله تعالى ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم)، قيل: إن نسبة الخيانة إلى النفس لكون وبالها راجعا إليها، أو بعد كل معصية خيانة للنفس كما عد ظلما لها، وقد قال تعالى. (علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم) (البقرة - 187).
ويمكن أن يستفاد من الآية بمعونة ما يدل عليه القرآن من أن المؤمنين كنفس واحدة، وأن مال الواحد منهم مال لجميعهم يجب على الجميع حفظه وصونه عن الضيعة والتلف، كون تعدى بعضهم على بعض بسرقة ونحوها اختيانا لأنفسهم.
وفي قوله تعالى (إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما) دلالة على استمرار هؤلاء الخائنين في خيانتهم، ويؤكده قوله (أثيما) فإن الأثيم آكد في المعنى من الاثم وهو صفة مشبهة تدل على الثبوت. على أن قوله (يختانون أنفسهم) لا تخلو عن دلالة على الاستمرار، وكذا قوله (للخائنين) حيث عبر بالوصف ولم يعبر بمثل قولنا: للذين خانوا، كما عبر بذلك في قوله (فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم) (الأنفال: 71).
فمن هذه القرائن وأمثالها يظهر أن معنى الآية - بالنظر إلى مورد النزول -: ولا تكن خصيما لهؤلاء، ولا تجادل عنهم فإنهم مصرون على الخيانة مبالغون فيها ثابتون على الاثم، والله لا يحب من كان خوانا أثيما. وهذا يؤيد ما ورد في أسباب النزول من نزول الآيات في أبى طعمة بن الأبيرق. كما سيجئ.
ومعنى الآية - مع قطع النظر عن المورد -: ولا تدافع في قضائك عن المصرين على الخيانة المستمرين عليها، فإن الله لا يحب الخوان الأثيم، وكما أنه تعالى لا يحب كثير الخيانة لا يحب قليلها، ولو أمكن أن يحب قليلها أمكن أن يحب كثيرها، وإذا كان كذلك فالله ينهى أن يدافع عن قليل الخيانة كما ينهى عن أن يدافع عن كثيرها، وأما