تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٥ - الصفحة ٣٧٨
بمثل قوله: " المنافقون والذين في قلوبهم مرض " في غالب الموارد عن إشعار ما بذلك، وذلك أن المنافقين هم الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، والكفر الخاص موت للقلب لا مرض فيه قال تعالى: " أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به في الناس " (الانعام: 122) وقال: " إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله " (الانعام: 36).
فالظاهر أن مرض القلب في عرف القرآن هو الشك والريب المستولي على إدراك الانسان فيما يتعلق بالله وآياته، وعدم تمكن القلب من العقد على عقيدة دينية.
فالذين في قلوبهم مرض بحسب طبع المعنى هم ضعفاء الايمان الذين، يصغون إلى كل ناعق، ويميلون مع كل ريح، دون المنافقين الذين أظهروا الايمان واستبطنوا الكفر رعاية لمصالحهم الدنيوية ليستدروا المؤمنين بظاهر إيمانهم والكفار بباطن كفرهم.
نعم ربما أطلق عليهم المنافقون في القرآن تحليلا لكونهم يشاركونهم في عدم اشتمال باطنهم على لطيفة الايمان، وهذا غير إطلاق الذين في قلوبهم مرض على من هو كافر لم يؤمن إلا ظاهرا قال تعالى: " بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزء بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا " (النساء: 140) وأما قوله تعالى في سورة البقرة: " ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين - إلى أن قال -: في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا - إلى أن قال -: وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء الآيات (البقرة: 7 - 20) فإنما هو بيان لسلوك قلوبهم من الشك في الحق إلى إنكاره، وأنهم كانوا في بادئ حالهم مرضى بسبب كذبهم في الاخبار عن إيمانهم وكانوا مرتابين لم يؤمنوا بعد، فزادهم الله مرضا حتى هلكوا بإنكارهم الحق واستهزائهم له.
وقد ذكر الله سبحانه أن مرض القلب على حد الأمراض الجسمانية ربما أخذ في الزيادة حتى أزمن وانجر الامر إلى الهلاك وذلك إمداده بما يضر طبع المريض في مرضه، وليس إلا المعصية قال تعالى: " في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا " (البقرة: 10) وقال تعالى " وإذا ما أنزلت سورة - إلى أن قال -: وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة النساء 5
2 (77 - 80) كلام في استناد الحسنات والسيئات إليه تعالى. (بحث قرآني) 9
3 (85 - 91) في معنى التحية. (بحث قرآني) 31
4 (95 - 100) في المستضعف. (بحث قرآني) 51
5 (105 - 126) في معنى العصمة. (بحث قرآني) 78
6 سورة المائدة 156
7 (1 - 3) في معنى العقد. (بحث قرآني) 158
8 بحث علمي في فصول ثلاثة: (1 - 3) 1 - العقائد في اكل اللحم. (بحث علمي) 183
9 (1 - 3) 2 - كيف امر بقتل الحيوان والرحمة تأباه؟ (بحث علمي) 184
10 (1 - 3) 3 - لماذا بني الاسلام على التذكية؟ (بحث علمي) 187
11 (15 - 19) كلام في طريق التفكر الذي يهدي إليه القرآن (بحث مختلط قرآني وروائي) 254
12 (15 - 19) في تاريخ التفكر الاسلامي اجمالا. (بحث تاريخي) 271
13 (27 - 32) كلام في معنى الاحساس والتفكير. (بحث قرآني) 308
14 (27 - 32) في تطبيق قصة ابني آدم على ما في التوراة. (بحث علمي) 323
15 (41 - 50) كلام في معنى الشريعة والفرق بينها وبين الدين والملة في عرف القرآن. (بحث قرآني) 350
16 (51 - 54) كلام في معنى مرض القلب. (بحث قرآني) 377
17 (51 - 54) كلام في كليات حوادث آخر الزمان. (بحث قرآني وروائي) 390