رجسهم وماتوا وهم كافرون أو لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون " (التوبة: 126) وقال تعالى - وهو بيان عام -: " ثم كان عاقبة الذين أساؤا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤن " (الروم: 10).
ثم ذكر تعالى في علاجه الايمان به قال - تعالى - وهو بيان عام -: " يهديهم ربهم بإيمانهم " (يونس: 9) وقال تعالى: " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " (فاطر: 10) فعلى مريض القلب - إن أراد مداواة مرضه - أن يتوب إلى الله، وهو الايمان به وأن يتذكر بصالح الفكر وصالح العمل كما يشير إليه الآية السابقة الذكر: " ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون " (التوبة: 126).
وقال سبحانه وهو قول جامع في هذا الباب: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما " (النساء: 146) وقد تقدم أن المراد بذلك الرجوع إلى الله بالايمان والاستقامة عليه والاخذ بالكتاب والسنة ثم الاخلاص.
قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه " ارتد عن دينه رجع عنه، وهو في اصطلاح أهل الدين الرجوع من الايمان إلى الكفر سواء كان إيمانه مسبوقا بكفر آخر كالكافر يؤمن ثم يرتد أو لم يكن، وهما المسميان بالارتداد الملي والفطري (حقيقة شرعية أو متشرعية.
ربما يسبق إلى الذهن أن المراد بالارتداد في الآية هو ما اصطلح عليه أهل الدين، ويكون الآية على هذا غير متصلة بما قبلها، وإنما هي آية مستقلة تحكى عن نحو استغناء من الله سبحانه عن إيمان طائفة من المؤمنين بإيمان آخرين.
لكن التدبر في الآية وما تقدم عليها من الآيات يدفع هذا الاحتمال فإن الآية على هذا تذكر المؤمنين بقدرة الله سبحانه على أن يعبد في أرضه، وأنه سوف يأتي بأقوام لا يرتدون عن دينه بل يلازمونه كقوله تعالى: " فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين " (الانعام: 89) أو كقوله تعالى: " ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين " (آل عمران: 97) وقوله تعالى: " إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغنى