والبيهقي وابن عساكر عن قتادة، ورواه أيضا عن الضحاك والحسن.
ولفظ الحديث أوضح شاهد على أنه من قبيل التطبيق النظري، وحينئذ يتوجه إليه ما توجه إلى ما تقدمه من الروايات فإن هذه الوقائع والغزوات تشتمل على حوادث وأمور وقد قاتل فيها رجال كخالد ومغيرة بن شعبة وبسر بن الأرطاة وسمرة بن جندب يذكر التاريخ عنهم فيها وبعد ذلك مظالم وآثاما لا تدع الآية: (يحبهم ويحبونه، الخ) أن تصدق فيهم وتنطبق عليهم، فعليك بالرجوع إلى التاريخ ثم التأمل فيما قدمناه من معنى الآية.
وقد بلغ من إفراط بعض المفسرين أن استغرب قول بعضهم: " أن الآية أوضح انطباقا على الأشعريين من أهل اليمن منها على هؤلاء الذين قاتلوا أهل الردة " قائلا: إن الآية عامة تشمل كل من نصر الدين ممن اتصف بمضمونها من خيار المسلمين من مؤمنى عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن جاء بعد ذلك من المؤمنين، وتنطبق على جميع ما تقدم من الاخبار كالخبر الدال على أنهم سلمان وقومه - على ضعفه - والخبر الدال على أنه أبو موسى الأشعري وقومه، والخبر الدال على أنه أبو بكر وأصحابه إلا ما دل على أنه على - عليه السلام فإن لفظ الآية لا ينطبق عليه لان لفظ القوم - المأخوذ في الآية - لا يجرى على الواحد لأنه نص في الجماعة.
هذا محصل كلامه، وليس إلا أنه عامل كلامه تعالى فيما ذكره من الثناء على القوم ومدحهم معاملة الشعر الذي يبنى المدح على التخيل، فما قدر عليه خيال الشاعر حمله على ممدوحه من غير أن يعتنى بأمر الصدق والكذب، وقد قال تعالى: " ومن أصدق من الله قيلا " (النساء: 122) أو على المتعارف من الكلام الدائر بيننا الذي لا يعتمد في إلقائه إلا على الافهام البانية على التسامح والتساهل في التلقي والالقاء، والاعتذار بالمسامحة في كل ما أشكل عليها في شئ وقد قال تعالى: " إنه لقول فصل وما هو بالهزل " (الطارق:
14) وقد عرفت فيما تقدم أن الآية لو أعطيت حق معناها فيما تتضمنه من الصفات تبين أن مصداقها لم يتحقق بعد إلى هذا الحين فراجع وتأمل ثم اقض ما أنت قاض.
ومن العجيب ما ذكره في آخر كلامه، فإن من ذكر نزول الآية في علي عليه السلام إنما ذكر عليا وأصحابه كما ذكر آخرون: سلمان وذويه، وآخرون: أبا موسى وقومه، وآخرون:
أبا بكر وأصحابه، وكذا ما ورد من الروايات - وقد تقدم بعضها - إنما ورد في علي وأصحابه، ولم يذكر نزول الآية في علي عليه السلام وحده حتى يرد بأن لفظ الآية نص في الجماعة لا ينطبق على المفرد.