وأخبرني عن شبه الولد بأبيه ليس فيه من شبه أمه شئ أو بأمه ليس فيه من شبه أبيه شئ، فقال: أيهما علا وسبق ماء صاحبه كان الشبه له قال: قد صدقت، فأخبرني ما للرجل من الولد وما للمرأة منه؟ قال: فأغمي على رسول الله طويلا ثم خلى عنه محمرا وجهه يفيض عرقا فقال: اللحم والدم والظفر والشحم للمرأة، والعظم والعصب والعروق للرجل قال له: صدقت، أمرك أمر نبي.
فأسلم ابن صوريا عند ذلك وقال: يا محمد من يأتيك من الملائكة؟ قال: جبرائيل قال: صفة لي فوصفه النبي فقال: أشهد أنه في التوراة كما قلت: وأنك رسول الله حقا.
فلما أسلم ابن صوريا وقعت فيه اليهود وشتموه، فلما أرادوا أن ينهضوا تعلقت بنو قريظة ببني النضير فقالوا: يا محمد إخواننا بنو النضير أبونا واحد، وديننا واحد، ونبينا واحد إذا قتلوا منا قتيلا لم يقد، وأعطونا ديته سبعين وسقا من تمر، وإذا قتلنا منهم قتيلا قتلوا القاتل وأخذوا منا الضعف مائة وأربعين وسقا من تمر، وإن كان القتيل امرأة قتلوا به الرجل منا، وبالرجل منهم رجلين منا، وبالعبد الحر منا، وجراحاتنا على النصف من جراحاتهم، فاقض بيننا وبينهم فأنزل الله في الرجم والقصاص الآيات.
أقول: وأسند الطبرسي في المجمع إلى رواية جماعة من المفسرين مضافا إلى روايته عن الباقر عليه السلام، وروى ما يقرب من صدر القصة في جوامع أهل السنة وتفاسيرهم بعدة طرق عن أبي هريرة وبراء بن عازب وعبد الله بن عمر وابن عباس وغيرهم، والروايات متقاربة، وروى ذيل القصة في الدر المنثور عن عبد بن حميد وأبى الشيخ عن قتادة، وعن ابن جرير وابن إسحاق والطبراني وابن أبي شيبة وابن المنذر وغيرهم عن ابن عباس.
أما ما وقع في الرواية من تصديق ابن صوريا وجود حكم الرجم في التوراة وأنه المراد بقوله: " وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله " (الآية) فيؤيده أيضا وجود الحكم في التوراة الدائرة اليوم بنحو يقرب مما في الحديث.
ففي الأصحاح (1) الثاني والعشرين من سفر التثنية من التوراة ما هذا نصه: {(22) إذا وجد رجل مضطجعا مع امرأة زوجة بعل يقتل الاثنان: الرجل المضطجع مع المرأة والمرأة فتنزع الشر من إسرائيل (23) إذا كانت فتاة عذراء مخطوبة لرجل فوجدها رجل في المدينة واضطجع معها (24) فأخرجوهما كليهما إلى باب تلك المدينة وارجموهما بالحجارة