تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٥ - الصفحة ٣٦٣
والخطأ، والدين الإلهي كما لا يتم من دون هذا لا يتم من دون ذاك.
فثبت ان هناك منزلة بين منزلتي الأنبياء والاحبار، وهى منزلة الأئمة وقد أخبر به الله سبحانه في قوله: " وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون " (السجدة:
24) ولا ينافيه قوله: " ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا " (الأنبياء: 73) فإن اجتماع النبوة والإمامة في جماعة لا ينافي افتراقهما في غيرهم، وقد تقدم شطر من الكلام في الإمامة في قوله تعالى: " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات " الآية (البقرة: 124) في الجزء الأول من الكتاب.
وبالجملة للربانيين والأئمة وهم البرازخ بين الأنبياء والاحبار العلم بحق الكتاب والشهادة عليه بحق الشهادة.
وهذا في الربانيين والأئمة من بني إسرائيل لكن الآية تدل على أن ذلك لكون التوراة كتابا منزلا من عند الله سبحانه مشتملا على هدى ونور أي المعارف الاعتقادية والعملية التي تحتاج إليها الأمة، وإذا كان ذلك هو المستدعى لهذا الاستحفاظ والشهادة للذين لا يقوم بهما إلا الربانيون والأئمة كان هذا حال كل كتاب منزل من عند الله مشتمل على معارف إلهية وأحكام عملية وبذلك يثبت المطلوب.
فقوله عليه السلام: " فهذه الأئمة دون الأنبياء " أي هم أخفض منزلة من الأنبياء بحسب الترتيب المأخوذ في الآية كما أن الأحبار - وهم العلماء - دون الربانيين، وقوله: " يربون الناس بعلمهم " ظاهر في أنه عليه السلام أخذ لفظ الرباني من مادة التربية دون الربوبية، وقد اتضح معاني بقية فقرات الرواية بما قدمناه من محصل المعنى.
ولعل هذا المعنى هو مراده عليه السلام فيما رواه العياشي أيضا عن مالك الجهني قال:
قال أبو جعفر عليه السلام: " إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور - إلى قوله - بما استحفظوا من كتاب الله " قال: فينا نزلت.
وفي تفسير البرهان في قوله تعالى: " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " عن الكافي بإسناده عن عبد الله بن مسكان رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من حكم في درهمين بحكم جور ثم جبر عليه كان من أهل هذه الآية: " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " فقلت: وكيف يجبر عليه؟ فقال: يكون له سوط وسجن فيحكم عليه فإن رضى بحكمه وإلا ضربه بسوطه وحبسه في سجنه.
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة النساء 5
2 (77 - 80) كلام في استناد الحسنات والسيئات إليه تعالى. (بحث قرآني) 9
3 (85 - 91) في معنى التحية. (بحث قرآني) 31
4 (95 - 100) في المستضعف. (بحث قرآني) 51
5 (105 - 126) في معنى العصمة. (بحث قرآني) 78
6 سورة المائدة 156
7 (1 - 3) في معنى العقد. (بحث قرآني) 158
8 بحث علمي في فصول ثلاثة: (1 - 3) 1 - العقائد في اكل اللحم. (بحث علمي) 183
9 (1 - 3) 2 - كيف امر بقتل الحيوان والرحمة تأباه؟ (بحث علمي) 184
10 (1 - 3) 3 - لماذا بني الاسلام على التذكية؟ (بحث علمي) 187
11 (15 - 19) كلام في طريق التفكر الذي يهدي إليه القرآن (بحث مختلط قرآني وروائي) 254
12 (15 - 19) في تاريخ التفكر الاسلامي اجمالا. (بحث تاريخي) 271
13 (27 - 32) كلام في معنى الاحساس والتفكير. (بحث قرآني) 308
14 (27 - 32) في تطبيق قصة ابني آدم على ما في التوراة. (بحث علمي) 323
15 (41 - 50) كلام في معنى الشريعة والفرق بينها وبين الدين والملة في عرف القرآن. (بحث قرآني) 350
16 (51 - 54) كلام في معنى مرض القلب. (بحث قرآني) 377
17 (51 - 54) كلام في كليات حوادث آخر الزمان. (بحث قرآني وروائي) 390