تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٥ - الصفحة ٣٦٩
وهى الدولة تدور عليهم، وكما أن الدائرة من الجائز أن تصيبهم من غير اليهود والنصارى فيتأيدوا بنصرة الطائفتين بأخذهما أولياء النصرة كذلك يجوز أن تصيبهم من نفس اليهود والنصارى فينجوا منها باتخاذهما أولياء المحبة والخلطة.
والولاية بمعنى قرب المحبة والخلطة تجمع الفائدتين جميعا أعني فائدة النصرة والامتزاج الروحي فهو المراد بالآية، وسيجئ ما في القيود والصفات المأخوذة في الآية الأخيرة:
" يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه "، من الدلالة على أن المراد بالولاية هاهنا ولاية المحبة لا غير.
وقد أصر بعض المفسرين على أن المراد بالولاية ولاية النصرة وهى التي تجرى بين إنسانين أو قومين من الحلف أو العهد على نصرة أحد الوليين الاخر عند الحاجة، واستدل على ذلك بما محصله أن الآيات - كما يلوح من ظاهرها - منزلة قبل حجة الوداع في أوائل الهجرة أيام كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمون لم يفرغوا من أمر يهود المدينة ومن حولهم من يهود فدك وخيبر وغيرهم، ومن ورائهم النصارى وكان بين طوائف من العرب وبينهم عقود من ولاية النصرة والحلف، وربما انطبق على ما ورد في أسباب النزول أن عبادة بن الصامت من بنى عوف ابن الخزرج تبرأ من بنى قينقاع لما حاربت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان بينه وبينهم ولاية حلف، لكن عبد الله بن أبي رأس المنافقين لم يتبرء منهم وسارع فيهم قائلا: نخشى أن تصيبنا دائرة.
أو ما ورد في قصة أبى لبابة لما أرسله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليخرج بني قريظة من حصنهم وينزلهم على حكمه، فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه: أنه الذبح.
أو ما ورد أن بعضهم كان يكاتب نصارى الشام بأخبار المدينة، وبعضهم كان يكاتب يهود المدينة لينتفعوا بمالهم ولو بالقرض.
أو ما ورد أن بعضهم قال: إنه يلحق بفلان اليهودي أو بفلان النصراني إثر ما نزل بهم يوم أحد من القتل والهزيمة.
وهؤلاء الروايات كالمتفقة في أن القائلين: " نخشى أن تصيبنا دائرة " كانوا هم المنافقين، وبالجملة فالآيات إنما تنهى عن المخالفة وولاية النصرة بين المسلمين وبين اليهود والنصارى.
وقد أكد ذلك بعضهم حتى ادعى أن كون الولاية في الآية بمعنى ولاية المحبة والاعتماد مما تتبرء منه لغة الآية في مفرداتها وسياقها كما يتبرء منه سبب النزول والحالة العامة التي كان عليها المسلمون والكتابيون في عصر التنزيل.
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة النساء 5
2 (77 - 80) كلام في استناد الحسنات والسيئات إليه تعالى. (بحث قرآني) 9
3 (85 - 91) في معنى التحية. (بحث قرآني) 31
4 (95 - 100) في المستضعف. (بحث قرآني) 51
5 (105 - 126) في معنى العصمة. (بحث قرآني) 78
6 سورة المائدة 156
7 (1 - 3) في معنى العقد. (بحث قرآني) 158
8 بحث علمي في فصول ثلاثة: (1 - 3) 1 - العقائد في اكل اللحم. (بحث علمي) 183
9 (1 - 3) 2 - كيف امر بقتل الحيوان والرحمة تأباه؟ (بحث علمي) 184
10 (1 - 3) 3 - لماذا بني الاسلام على التذكية؟ (بحث علمي) 187
11 (15 - 19) كلام في طريق التفكر الذي يهدي إليه القرآن (بحث مختلط قرآني وروائي) 254
12 (15 - 19) في تاريخ التفكر الاسلامي اجمالا. (بحث تاريخي) 271
13 (27 - 32) كلام في معنى الاحساس والتفكير. (بحث قرآني) 308
14 (27 - 32) في تطبيق قصة ابني آدم على ما في التوراة. (بحث علمي) 323
15 (41 - 50) كلام في معنى الشريعة والفرق بينها وبين الدين والملة في عرف القرآن. (بحث قرآني) 350
16 (51 - 54) كلام في معنى مرض القلب. (بحث قرآني) 377
17 (51 - 54) كلام في كليات حوادث آخر الزمان. (بحث قرآني وروائي) 390