عذر المرض مضافا إلى عذر غيره. والجواب: انه أفيد بالكناية، وهى أبلغ.
قوله تعالى: " فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه " التيمم هو القصد، والصعيد هو وجه الأرض، وتوصيفه بالطيب - والطيب في الشئ كونه على حال يقتضيه طبعه - للإشارة إلى اشتراط كونه على حاله الأصلي كالتراب والأحجار العادية دون ما خرج من الأرضية بطبخ أو نضج أو غير ذلك من عوامل التغيير كالجص والنورة والخزف والمواد المعدنية، قال تعالى: " والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج الا نكدا " (الأعراف: 58) ومن ذلك يستفاد الشروط التي اخذت السنة في الصعيد الذي يتيمم به.
وربما يقال: ان المراد بالطيب الطهارة، فيدل على اشتراط الطهارة في الصعيد.
وقوله: " فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه " ينطبق ما ذكره في التيمم للمسح على ما ذكره في الوضوء للغسل، فالتيمم في الحقيقة وضوء أسقطت فيه المسحتان: مسح الرأس ومسح الرجلين، وأبدلت فيه الغسلتان: غسلة الوجه واليدين إلى المرفقين بالمسحتين، وابدل الماء بالتراب تخفيفا.
وهذا يشعر بأن العضوين في التيمم هما العضوان في الوضوء، ولما عبر تعالى بالمسح المتعدى بالباء دل ذلك على أن المعتبر في التيمم هو مسح بعض عضوي الغسل في الوضوء أعني بعض الوجه، وبعض اليد إلى المرفق، وينطبق على ما ورد من طرق أئمة أهل البيت عليهم السلام من تحديد الممسوح من الوجه بما بين الجبينين والممسوح من اليد بما دون الزند منها.
وبذلك يظهر فساد ما ذكره بعضهم من تحديد اليد بما دون الإبطين وما ذكره آخرون أن المعتبر من اليد في التيمم عين ما اعتبر في الوضوء وهو ما دون المرفق، وذلك أنه لا يلائم المسح المتعدى بالباء الدال على مرور الماسح ببعض الممسوح.
و " من " في قوله: " منه كأنها ابتدائية والمراد ان يكون المسح بالوجه واليدين مبتدء من الصعيد وقد بينته السنة بأنه بضرب اليدين على الصعيد ومسحهما بالوجه واليدين.
ويظهر من بعضهم: أن " من " ههنا تبعيضية فتفيد أن يكون في اليدين بعد الضرب